ترأس رئيس اساقفة طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، قداس عيد الميلاد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في منطقة الزاهرية بطرابلس، على وقع قرع الاجراس والترانيم الدينية من وحي المناسبة، عاونه فيه المونسنيور الياس البستاني في حضور حشد كبير من المؤمنين.
بعد الانجيل شدد ضاهر في عظته على "ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من الشهر المقبل، داعيا الى "تجاوز الخلافات والتركيز على انقاذ الوطن في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة"، واصفا ذلك بانه "مسؤولية وطنية مشتركة"، متمنيا ان "ينعم الشعب السوري بالامان والاستقرار، والى احترام التنوع الديني والعرقي والطائفي".
وقال: "نلتقي اليوم في نورِ عيدِ الميلادِ المجيد، حيث تتجلى أمامنا أعظمُ رسالة حبٍّ عَرفَها التاريخ: الله، الذي خلق السماوات والأرض، اختار أن يتجسدَ في هيئةٍ بشريةٍ ليحملَ ضعفَنا، ويغمرَ العالمَ بنورِ الحقيقةِ والحياة. ميلادُ المسيح هو دعوةٌ متجددةٌ لنا، ليس فقط لنحتفلَ، بل لنفتحَ قلوبَنا على معاني هذا الحدث العظيم، ونتركَه يبدلَ حياتَنا من الداخل. لذا، يسرني جداً أن أتوجه إليكم بنشيد الملائكة هذا، بالمعايدة في عيد ميلاد ربنا والهنا يسوع المسيح، متمنياً أن تقضوا هذا العيد وأنتم تنعمون بالخير والبركة، وأن يعمّ السلامَ الذي أتانا به طفلُ المغارة، قلوبَكم وحياتَكم، وأن يهَبَ لبنانَ والعالمَ الاستقرارَ والتآخي بين شعوبِ المنطقة".
أضاف: "في ليلةِ الميلاد صنع الله السلام. فترنيمة الملائكة تُبشرُ البشر بأن السلامَ صار في متناول حياتِهم شرطَ أن يذهبوا ويسجدوا للكلمة الذي "صار بَشَرًا، وسكنَ بينَنا وقد رأينا مجدَهُ" (يوحنا1/14) وقد أعاد يسوع إلى أذهاننا في موعظة الجبل بشارة الملائكة للرعاة عندما قال "طوبى للمساكين بالروح وللفقراء والجياع.. ولصانعي السلام، فإنهم أبناء الله يُدعَوْن" (متى5/1011). أليست رسالة المسيحية دعوة إلى السلام بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه الإنسان؟ لكن السلام الحقيقي يتطلب تضحية وبذلاً للذات وترفّعاً عن الأنانية والمصالح الشخصية، وتقربًا دائمًا من الله ومحبةً فائقة تذهب إلى حد الصلب".
وتابع: "ندعوكم إلى أن تكونوا صانعي سلام فيما بينكم وفي بيوتكم وفي طرابلس وفي وطننا لبنان، ندعو أيضاً القادة والسياسيين ورجال الحكم، وخصوصاً النواب إلى أن يفعلوا ما بوسعهم لكي ينتخبوا رئيساً للجمهورية في التاسع من كانون الثاني المقبل، وأن يسود السلام والتفاهم فيما بينهم "وإله المحبةِ والسلامِ سَيكونُ مَعَكُم". بعد كل الحروب والصراعات السياسية والاجتماعية التي عايشناها، تبيّن لكل مواطن أنّ الدولةَ ومؤسساتِها الدستورية هي الأساس لبقاء الوطن واستقرارِه. المؤسساتُ لا تُبنى إلا على العدل، والعدلُ لا يتحقّق إلا من خلال دستورٍ يحترمه الجميع، ومن خلال قادةٍ يحملون مسؤولياتهم بتجرّدٍ وإخلاص. لقد أثبت الجيش اللبناني بقيادته التي تتسم بالحكمة والشجاعة، وسائرُ المؤسسات الأمنية، أنهم الأمانة التي يمكن أن نعتمد عليها لتثبيت الأمن والاستقرار، خاصة في ظل الفوضى والانقسامات. لذا، ندعو في هذه الظروف الدقيقة، الى تعزيز دور الجيش والقوى الأمنية، وإعطائهم الدعم الكامل والصلاحيات اللازمة ليكونوا صمام الأمان لحماية الوطن".
وقال: "نرفع صلاتنا من أجل إحلال السلام والأمان في الدول المجاورة، وخاصة سورية كي تنعم بالأمن والاستقرار، وندعو السلطة الحاكمة الحالية الى احترام التنوع الديني والطائفي والعرقي الذي هو مصدر غنى لا انقسام، وأن يَتمَّ الاعتراف بكلّ مكوّن من مكوّنات المجتمع كجزء أساسي من النسيج الوطني. في خضم مشاكلنا وأزماتنا، يخاطبنا الطفل الإلهي ويقول لنا "لا تخافوا". لقد استشعر خوفَنا وقلقَنا، فمنحنا سلامَه وأكد لنا أنه معنا. هذا هو الميلاد الحقيقي أن نعرف أنّ يسوع النازل من السماء، أتى إلينا ليمنحنا الرجاء وليؤكد لنا بأنه باقٍ معنا "كل الأيام حتى انقضاء الدهر" (متى28/20)
أضاف: "أدعوكم، أيها الأحباء، في هذا الميلاد أن تكونوا من "مواطني القديسين ومن أهل بيت الله"، كما أتمنى أن تكونوا دوماً من حصة الضعفاء والفقراء والمحتاجين والمرضى والخطأة، وتمدّوا لهم يدَكم وتفتحوا قلوبَكم ليشعر هؤلاء بأن كرامتَهم مصانة. فالمسيحي الحقيقي هو شبيه السامري الصالح، فكل من يقترب منهم يملك نعمة لا مثيل لها وهو يلبي نداء يسوع: "كنت جائعاً فأطعمتموني وسجيناً فزرتموني، وعرياناً فكسوتموني".
وختم: "أتمنى لكم ولعائلاتكم ميلادًا مباركًا ومقدسًا، وأطلب من طفل المغارة أن يمنحكم نعمةَ السجود بتواضعٍ وفقرٍ ومحبة أمام المغارة التي استقبلته انساناً مثلنا. كما أتمنى لكم سنة جديدة مباركة بشفاعة أمِّنا وأمِّ الفادي مريم العذراء. ولد المسيح هللويا. ميلاد مقدس مجيد وعام جديد سعيد".
بعد القداس تقبل ضاهر والبستاني التهاني بالعيد من المشاركين في القداس في صالون الكنيسة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك