كتب مروان الشدياق في "نداء الوطن":
لم تقبل الجامعة اللبنانية، جامعة الوطن، الاستسلام! بل حملت بنَفَس تربويّ راية العلم والمعرفة، إيماناً بمستقبل مشرق ينتظره لبنان. وسارع هذا الصرح إلى إعلان العودة للتعليم الحضوري بعد خوضه تجربة التعليم عن بعد للمرة الثانية بعد جائحة كورونا في مختلف كلياته.
وللحديث عن التطوّرات الحالية في الجامعة، طرح رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران، في حديث لـ "نداء الوطن"، جميع الملفات والمستجدّات خصوصاً تلك المتعلّقة بـ "ما بعد الحرب" وعودة الحياة لصفوف الجامعة.
هل عاد التعليم الحضوري متأخراً؟
اعتبر بدران أن العودة للتعليم الحضوري لم تكن متأخرة في ظلّ الحرب القائمة على لبنان قائلاً: "المهم اليوم أننا عدنا إلى صفوف الجامعة، فالقصف الإسرائيلي لم يستثنِ أي منطقة. الخطر بات أمراً واقعاً، وصل إلى جونية والكحالة وعاليه...".
ورأى البعض أن خطة وزارة التربية "ظلمت" الجامعة اللبنانية في قراراتها ولم تنصفها بالعودة للتعليم الحضوري في المناطق الآمنة كما الجامعات الخاصة، لكن بدران أكد أن "خطة الوزارة وضعت بالشراكة مع الجامعة ولم نعتبرها أبداً ظالمة، فكل الخطوات والاقتراحات التي وضعت من قبلنا أقرّها الوزير في خطّته"، وهنا لفت بدران إلى أن "وضع الجامعة اللبنانية بعيد كل البعد عن وضع الجامعات الخاصة".
وشدّد على أن "التعاون بين الجامعة ووزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي ورئاسة الحكومة يمكن وصفه بأكثر من كامل، حيث تُرجم هذا التعاون بالتقدّم الملحوظ للجامعة خلال السنوات الثلاث الماضية".
وتابع "الداعم الأوّل كان ولا يزال في جميع ملفات الجامعة اللبنانية هو الحلبي الذي لم يبخل يوماً بتلبية النداء لمتطلّبات الجامعة ومستلزماتها".
أضرار الحرب قيد المعالجة
في ما يتعلّق بأضرار فروع الجامعة ومجمّعاتها الناجمة عن الحرب، كشف البروفسور بدران أن شعبة بنت جبيل في كلية العلوم تضرّرت بشكل مباشر ويُعمل الآن على إحصاء الأضرار وإعادة انتظام التدريس في الأيام المقبلة.
أما اللافت فهو بدء الجامعة بعمليات الصيانة في مجمع الرئيس رفيق الحريري الجامعي - الحدث وإعادة إصلاح الأضرار فيه. وعند سؤال بدران عن التمويل لهذه الأعمال، أكّد أن "ميزانية الجامعة لهذا العام كانت أكثر من كافية، حيث أقرّ مجلس النواب المخصّصات المطلوبة بشكل كامل والبالغة 66 مليون دولار، وأعمال الصيانة كافة تُدفع منها".
وعن الميزانية المالية، أوضح "أن الجامعة استطاعت هذا العام تأمين المحروقات للمولّدات الكهربائية من دون انقطاع، بالإضافة إلى تأمين الحراسة وعمّال النظافة للفروع والوحدات الجامعية كافة، وهذا يعود لموافقة مجلس النواب على الميزانية المالية التي تقدّمنا بها سابقاً".
مباني الجامعة والإيجارات المُهلِكة
وقال: "الخطة الحالية تركز على تقليص الإيجارات المرتفعة من خلال نقل الفروع الفردية إلى مجمّعات جامعية"، وأوضح أن هذه المجمعات ليست مجرّد مبانٍ تعليمية، بل ينبغي أن تتضمّن "مرافق سكنية أساسية تخدم الطلاب".
وأضاف: "الرؤية المستقبلية تقوم على استكمال عملية البناء في المجمّعات باستخدام رسوم التسجيل المحصّلة، التي تصل إلى نحو 10 ملايين دولار سنوياً، ما يجعل عملية التطوير من الطلاب وللطلاب. وبهذا، تسعى الجامعة إلى توفير بيئة أكاديمية أكثر تكاملاً واستدامة تخفّف الأعباء المالية عن كاهلها وتعزّز جودة التعليم الجامعي".
ملف التفرّغ: من الركود إلى الواجهة؟
وتعليقاً على بيان لجنة المتعاقدين بالساعة، الذي طالب الجامعة اللبنانية بـ "إنصافهم والإسراع في إقرار ملف التفرغ الذي أصبح ضرورة ماسة لاستقرارهم واستقرار الجامعة"، أكد بدران "أن مستحقات المتعاقدين تم دفعها بنسبة 99%، باستثناء بعض الحالات التي تتعلق بالفروقات أو العقود التي تحتاج إلى مصالحة". أضاف "أن بدل الساعة قد تم رفعه إلى 20 دولاراً مع احتساب الإنتاجية"، وكشف لـ "نداء الوطن" عن "وجود مساعٍ جارية لزيادة هذا البدل قريباً".
وفي ما يتعلق بملف التفرّغ، أشار بدران إلى أنه "يشهد تعقيدات عدة، تتراوح بين السياسية والطائفية، لكنّ التحدي الأكبر يبقى في تحديد حاجة الكليات وأعداد الأساتذة المطلوبين". ولفت إلى أن الملف يشهد إعادة نظر مستمرّة لتلبية هذه الاحتياجات، وأوضح أنّ العمل على الملف لم يتوقف منذ عامَيْ 2021 و2023، وأنه يُعالج بجدية ضمن الإمكانات المتاحة".
كما أوضح أن التفرغ ليس مجرد مطلب حقوقي كما يُعتقد، بل هو "حاجة للجامعة" لضمان استقرارها الأكاديمي وتطوير أدائها. وشدّد على أن الجهود مستمرة بالتعاون مع وزير التربية لاستكمال هذا الملف، رغم الظروف الطارئة التي أعطت الأولوية لبعض القضايا الملحّة.
ملف فحوصات الـ PCR: حق مشروع للجامعة
وعن ملف فحوصات الـ PCR في مطار بيروت، أشار بدران إلى أنه أصبح اليوم في يد القضاء، وقال إن "الجامعة ستلتزم ما يصدر عن القضاء الإداري المتمثل بمجلس شورى الدولة". وأوضح أن هذا الملف يتعلق بحقوق الجامعة، مشيراً إلى أن "المطالبة بهذه الحقوق لا ترتبط بحاجتها المالية فقط، بل بحقها المشروع الذي لن تتنازل عنه".
انتخابات الطلاب: التأجيل مستمرّ بسبب الظروف
وماذا عن الانتخابات الطالبية التي لم تجرِ منذ أكثر من 15 سنة، وكان من المقرر إجراؤها هذا العام؟ يقول بدران إن تأجيلها مجدداً تقرر نظراً للأوضاع الراهنة في البلاد. ويعود هذا التأجيل أيضاً إلى استمرار تسجيل الطلاب في الجامعة حتى اليوم. وبيّن "أن الجامعة، التي تضمّ نحو 65000 طالب، كانت تعمل على وضع آليات لوجستية دقيقة لإنجاز استحقاق الانتخابات، إلّا أن الظروف حتّمت هذا التأجيل والذي لم يعد محصوراً بالجامعة اللبنانية فحسب، بل أصبح مشهداً عاماً تعاني منه معظم الجامعات في لبنان هذا العام".
وفي ما يتعلق بالأنباء التي تحدثت عن تلقي الجامعة إنذاراً من الاتحاد الأوروبي بعدم الاعتراف بشهادة كلية الحقوق في ظل غياب الحياة الطالبية وانتخابات الطلاب، نفى بدران هذه المعلومات بشكل قاطع، وأكّد أن الجامعة اللبنانية "تتمتع بسمعة مهنية وأكاديمية مرموقة، وهي تنافس كبرى الجامعات المحلية والعالمية، وتحرص دائماً على تعزيز مكانتها الأكاديمية والعملية".
وعدٌ للعائلة الكبيرة
وفي رسالة جامعة تحمل الأمل والمسؤولية، وعد بدران أساتذة الجامعة وموظفيها بـ "السعي الدائم لتأمين حياة كريمة لهم".
وتوجّه أيضاً برسالة خاصة إلى الطلاب، قائلاً: "أنتم مستقبل لبنان. أنتم الـ 65000 طالب الذين سيقوم على أكتافهم بناء مؤسسات هذا الوطن. تقع عليكم مسؤولية إعادة إعمار لبنان، وأعدكم بأن تستمر الجامعة في رسالتها دون توقف، لتوفّر لكم التعليم الذي تستحقونه والكفاءة العلمية التي تحتاجونها لبناء مستقبل هذا البلد".
وخلُصَ بدران إلى القول: "إن الجامعة اللبنانية، كعائلة كبيرة، ستبقى منارة تعليمية ووطنية تسعى لتحقيق الأفضل لأساتذتها وطلّابها، ولمستقبل لبنان ككلّ".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك