جاء في جريدة "الأنباء" الالكترونية:
دخل اتفاق وقف إطلاق النار منعطفاً خطيراً نتيجة الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة على مدى الأيام الماضية. بدأها العدو الإسرائيلي برفضه الانسحاب من المواقع التي احتلّها ومنع سكان القرى الحدودية من العودة إلى قراهم، كما استمراره بمضايقة الأهالي وتفجير وجرف المنازل. وأما الخرق الأكبر كان أمس مع إعلانه تنفيذ هجمات ضد حزب الله، زاعماً أن ما يقوم به الحزب يهدد أمن إسرائيل، مستغلاً إطلاق صلية صواريخ من جنوب لبنان، متناسياً كل خروقاته الفاضحة منذ لحظة وقف إطلاق النار.
أين لجنة الإشراف؟
تزامناً، وكأن أجهزة الاستشعار المبكر لدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري دفعته إلى الطلب من لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701، وذلك نتيجة ارتفاع وتيرة الخروقات الإسرائيلية منذ اليوم الأول الذي تلا الإعلان عن الاتفاق، والتي تُوجت بسلسلة غارات جوية "على عينك يا تاجر" استهدفت القرى الجنوبية والبقاع وخرق لجدار الصوت فوق بيروت والجبل. غير أن مصادر سياسية رفيعة كشفت لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن هذا التصعيد الذي أتى على خلفية إطلاق حزب الله صلية صواريخ باتجاه مزارع شبعا المحتلة، لم يكن مبرراً، إذ أن الحزب لم يخرق وقف إطلاق النار كما فعل العدو الإسرائيلي منذ بدء سريان الاتفاق، فصواريخ الحزب استهدفت أراضٍ لبنانية محتلة، ولا تقع ضمن نطاق القرار 1701، إنما الرد الإسرائيلي كان خرقاً إضافياً وانتقامياً واضحاً، لكن إعلانه عن توقف الغارات يأتي على الأرجح بسبب الضغوط الأميركية، التي تشدد على ضرورة الالتزام بالاتفاق وتوجهات الرئيس المنتخب دونالد ترامب بإنهاء الحروب والتوترات حول العالم وفي مقدمها الشرق الأوسط.
وتضيف المصادر أنه بمقدار ما سيلتزم "حزب الله" بعدم الرد على الغارات الاسرائيلية بقدر ما يمكن لاتفاق وقف النار أن يستمر للمدة المقررة له أي 55 يوماً إضافياً، وبالتالي ستكون لجنة الإشراف قد اكتمل تشكيلها وباشرت بتنفيذ المهمة الموكلة إليها في ظل تنفيذ الجيش اللبناني انتشاره في كامل منطقة جنوب الليطاني.
وختمت المصادر حديثها للأنباء بالتشديد على ضرورة تطبيق القرار 1701 لأنه المخرج الوحيد المتوفر بالنسبة للبنان، والذي يحظى بدعم أممي. هذا الدعم الذي قد يمارس ضغوطه أيضاً على إسرائيل للإلتزام به أيضاً وبغض النظر عن ورقة الضمانات الأميركية لإسرائيل.
عين التينة ترفع الصوت
من جهته، وبعد صمت لأيام بانتظار اكتمال تشكيل لجنة المراقبة ومباشرة مهامها، طالب الرئيس بري اللجنة المولجة مراقبة وقف إطلاق النار إلى مباشرة مهامها بشكل عادل، والتزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها وانسحابها من المواقع التي تحتلها قبل أي شيء آخر، معتبراً أن ما تقوم به قوات الاحتلال من أعمال عدوانية يشكل خرقاً فاضحاً لبنود وقف اطلاق النار.
مصادر كتلة التنمية والتحرير أشارت في اتصال مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أنه من الضروري مطالبة العدو الإسرائيلي بوقف خروقاته وتسهيل عودة المواطنين الى قراهم بعيداً عن الاستفزاز التي يقوم بها.
واستبعدت المصادر أن تؤثر هذه الخروقات على اتفاق وقف إطلاق النار. ودعت هيئة الرقابة إلى أن تأخذ دورها وأن تضغط على إسرائيل لوقف هذه الخروقات.
وطالبت المصادر الولايات المتحدة الأميركية بصفتها راعية لهذا الاتفاق بممارسة نفوذها لإجبار إسرائيل على التقيّد بمضمون الاتفاق ووقف كل الخروقات.
المصادر توقعت أن تكون المدة الفاصلة عن موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية كافية لانتاج وفاق بين معظم الكتل النيابية وأن يتم إنتخابه في الجلسة المقررة في التاسع من كانون الثاني.
ورأت المصادر أن بري كان واضحاً في كلامه لجهة تأمين النصاب وانتخاب الرئيس، وليس هناك من مبرر للتعطيل بعد ذلك التاريخ.
جلسة حاسمة
في هذه الأثناء، يستأثر الملف الرئاسي بحيّز مهم في محادثات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يبدأ زيارة عمل إلى السعودية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. لا سيما وأن انتخاب رئيس الجمهورية يأتي من ضمن تنفيذ القرار 1701 ومن غير المسموح تعطيله أو التراخي في حسمه.
وفيما أشارت مصادر مطلعة عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية إلى أنه كان يجب عقد جلسة وانتخاب رئيس مباشرة بعد سريان وقف النار، لكنها اعتبرت بأن خيار رئيس المجلس بإعطاء فرصة 40 يوماً للتشاور كان صائباً أولاً لتذليل الخلافات القائمة، والأهم إراحة النواب والسماح لهم بالتقاط أنفاسهم من الضغوطات التي عاشوها طوال فترة الحرب وتداعياتها واضطرار بعض النواب للسفر إلى الخارج بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة.
المصادر توقعت أن تكون جلسة 9 كانون الثاني حاسمة لجهة انتخاب الرئيس، متوقعة انتخاب الرئيس قبل تسلّم الرئيس دونالد ترامب مهامه الدستورية في العشرين من كانون الثاني. لأن موفده إلى الشرق الأوسط مسعد بولس سيقوم بجولة إلى الشرق الأوسط بعد هذا التاريخ وسيبدأها من لبنان.
التطور الميداني في سوريا يقلق العالم
وعلى وقع الهدوء الحذر اللبناني، لا يزال الميدان السوري على اشتعاله بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته هيئة تحرير الشام وفصائل مسلّحة أخرى على مناطق واسعة من محافظة حلب، وريف إدلب وأجزاء من محافظة حماه والتي تثير قلق العالم أجمع إن لجهة توقيته أو لجهة القوى التي تقف وراءه وتدعمه عسكرياً ولوجستياً ومالياً. خاصة بعد اتساع رقعة المواجهات على الأرض وسيطرة الفصائل المسلحة على مطار النيرب واعلانها الاستيلاء على 10 طائرات حربية بعد الاشتباك مع الجيش السوري. وتأكيد المعارضة الاستيلاء على 25 بلدة في ريف إدلب وعدة مناطق في ريف حماه.
في هذا السياق، لم تخف مصادر قلقها من أن يكون لنظام الاسد يد في تطور هذه الأحداث كما حصل في العام 2013 لأن عدم مقاومة جيش النظام المهاجمين وانسحابه التكتيكي من أرض المعركة وإلصاق تهمة الإرهاب عليهم هو السيناريو نفسه الذي اعتمد مع بداية الأحداث السورية التي أدت إلى حذف الثورة عن مسارها تمهيداً للقضاء عليها. فيما البعض الآخر يتهم تركيا بتحريك الفصائل العسكرية ودعمهم بالمال والسماح والعتاد. ما يسمح بإقامة تكتل سني واسع بمواجهة المد الشيعي الممتد من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان. وخلق نوع من التوازن في المنطقة التي تشهد تبد?ً ملحوظاً.
المصادر لفتت الى الإتصال الذي جرى بين الرئيسين الايراني والروسي والإتفاق على دعم نظام الأسد وحمايته من السقوط. كما أشارت إلى عرض تقدمت به دولة الإمارات العربية بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية يقضي برفع العقوبات عن سوريا إذا نأى الأسد بنفسه عن التحالف مع إيران وقطع إمداد حزب الله بالأسلحة.
هذا ومن المتوقع أن يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة لمناقشة الوضع العسكري في سوريا، في حين دعا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غير بترسون الأطراف السورية الرئيسية إلى المشاركة في مفاوضات لإيجاد طريقة للخروج من الصراع والتركيز على الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2245 الصادر عام 2015.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك