كتب شربل مخلوف في "المركزية":
قبل وصول أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام الى الحكم، كان الشعب السوري يعيش أسوأ أيامه بفعل ممارسات وقرارات نظام الأسد الذي أحكم سيطرته على مؤسسات الدولة كلها ووضع السوريين في حال من الذل والقهر لمجرد تأمين لقمة العيش منعا للتفكير بأي شان اخر خصوصا ما يتصل بالسياسة والسلطة ونوعية الحكم وان فكر فمصيره في السجون والاقبية والتعذيب على انواعه.
الا ان الحلم صار فجأة حقيقة وخلال اقل من عشرة ايام انقلب السحر على الساحر. سقط الاسد وهرب الى روسيا.تبوأ الجولاني سدة الحكم فحرر المعتقلين وأعلن أنّ السلطات الجديدة في سوريا ستنشر قريباً "قائمة أولى بأسماء كبار المتورّطين بتعذيب الشعب السوري" لملاحقتهم ومحاسبتهم، وقال: "لن تكون هناك خدمة علم إلزامية بعد الآن.. لازلنا ندرس الأمور، مبدئيا سيكون تطوعيا، نحن غير مضطرين أن نثقل كاهل السوريين بقضية كابوس التجنيد الإجباري". وأضاف: "ممكن في حالات الخطر الشديد أن تكون هناك تعبئة عامة". وأشار الى أن "سيتم حل كل الفصائل ولن يكون هناك سلاح إلا بأيدي الدولة السورية". كما أعلن أن ستتم دراسة العمل على رفع الرواتب في سوريا بنسبة 400 % ، والاستعداد لتجديد جواز السفر السوري من دون أي مقابل مادي وأمور اخرى كثيرة تسهل حياة السوريين.
كل ذلك افرج الشعب السوري الذي ما زال على رغم فرحه العارم يترقب بحذر الخطوات التالية وقرارات الجولاني وسط خشية من أن يحول سوريا بعد فترة الى دولة اسلامية لاسيما أنه كان يقاتل بصفوف داعش وبعدها التحق بجبهة النصرة الى أن صار قائدا لهيئة تحرير الشام. فهل يمكن أن يبقى معتدلا ويمنع كل مظاهر التطرف وقد طلب من النساء أن يرتدوا الحجاب على رؤوسهن حين مقابلته؟
عن مستقبل سوريا والقلق من التشدد، يقول العميد المتقاعد يعرب صخر لـ "المركزية" أن الناس تتعلق بالشكليات فكل الرجال والمسؤولين الذين تكون لديهم صبغة دينية معينة يفرضون هذه الشروط، والجولاني اجتمع مع نساء مكشوفات الرأس وأخريات غير مكشوفات، بالتالي هذه الأمور لا يجب أن نعلق عليها بمسار بناء الدول والشعوب والأمم.
وعن وجه التطرف، يجيب: "أحمد الشرع تعلم من الأخطاء السابقة ، ففي عامي 2011 و2012 الثورة السورية قضت على نفسها قبل أن يقضي الآخرون عليها حينما اظهرت وجه التشدد والتطرف، وكانت بعض القنوات التلفزيونية تستقصد اختيار العناصر المتشددة في الثورة السورية لاستطلاع آرائهم حول مستقبل سوريا والثورة وكان يقولون أن هدفهم ليس فقط سوريا بل يريدون أن يقلبوا كل الانظمة العربية الى أنظمة متشددة ونشر الشريعة الإسلامية".
ويضيف: "الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما هدد الرئيس السوري السابق بشار الأسد بضرب نظامه نتيجة استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري، لكن عندما عاين الغرب المظاهر المتطرفة داخل الثورة السورية تخلى العالم بأجمعه عن الفكرة وفضلوا الشر على ما هو أشر".
وردا على سؤال، يشير الى أن الثورة السورية تعلمت من كل هذه الأخطاء وبدأت تبرز وجه الاعتدال والانفتاح والمساواة والعدالة الإجتماعية، لافتا إلى أن ما أظهرته الثورة قبل أن تنجح في التقدم من ادلب نحو حلب جيد جدا فهي لم تتعرض لحقوق الإنسان ولم تحارب الأقليات وتجنبت محاربة الروس والأميركيين وقسد التي تعتبر محسوبة على الولايات المتحدة.
ويختم: "هدف المعارضة كان اليوم فقط قلب النظام ومحاربة الميليشيات الإيرانية ولهذا السبب نجحت وحققت كل الأهداف وقد تعلمت من الأخطاء السابقة وأظهرت وجه الانفتاح والنضج والإتزان والحكمة والحس بالمسؤولية الذي فعلا يشهد له في العمل العسكري والآن تترجمه في العمل السياسي والبنائي لإعادة سوريا الجديدة على هذه القواعد".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك