1- الوضع الداخلي العام:
وسط كمّ كبير من الازمات والمشكلات والملفات الخلافية القابلة للانفجار في وجهها وإطاحتها، تبدو الحكومة الميقاتية واقفة مترنحة على خطّ السقوط في الهاوية، ولا ينقصها سوى دفعة أو تطور أو هبّة ريح مفاجئة من الداخل أو الخارج لتهوي الى القاع، إلا أنها - كما يبدو - قرّرت الاقدام على محاولة أخيرة لانقاذ نفسها، او في الاقل، لإطالة عمرها بعض الوقت، عبر شحنة دعم تبقيها على قيد الحياة وإن تكن غير كافية لتعويمها واستعادة توازنها. وما بين طلب الدعم من بكركي، ومن بعض وزراء الخارجية الاوروبيين، الالماني والاسوجي والبولوني والبغاري، الذين سيتوالون على زيارة لبنان خلال الاسبوعين المقبلين تعبيراً عن دعم بلدانهم للاستقرار اللبناني، يؤكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن حكومته باقية وقادرة على عبور هذه المحنة والخروج منها بأقل الاضرار والخسائر الممكنة. وفيما يبدو ميقاتي مستقوياً بنجاح الجيش وقوى الامن في توفير التهدئة النسبية حتى الآن على الساحة الطرابلسية، القابعة على برميل من البارود المتعدّد الهوية اقليمياً ودولياً، ومستنداً الى موقف الهيئات الاقتصادية وهيئات المجتمع المدني التي نفذت أمس إضراباً شمالياً، مطالبة بالاستقرار والامن وتهدئة الخطاب السياسي "لكي يبقى لنا اقتصاد"، وفقاً للشعار الذي عقد في ظله "اللقاء الموسع للهيئات الاقتصادية" أمس في فندق فينيسيا في بيروت، بدا أن عشاءه على مائدة بكركي يوم أمس ومحادثاته مع البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، قد أيقظت فيه رغبة في تفعيل عمل الحكومة ومقاربة الملفات الاجتماعية والمالية والقضائية المجمّدة من زمان. كذلك بدا أن ملف الانفاق الحكومي، هو الآخر، قد وضع على نار هادئة برعاية الطباخين الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وجبران باسيل الذين جالوا أمس على بعبدا والسرايا الحكومية، فيما أعلن وزير العدل شكيب قرطباوي "إن المطالعة القانونية في شان الموقوفين الاسلاميين باتت قريبة جداً" كما أمل أن "يصدر خلال اليومين المقبلين مرسوم تعيين خمسة أعضاء لمجلس القضاء الاعلى" على أن "يتم بعد ذلك تعيين رئيس للمجلس". وأما مسألة قوننة الانفاق فنقلت جريدة السفير اليوم عن الوزير فنيش قوله "إن لقاء الوزراء الثلاثة مع رئيسي الجمهورية والحكومة تمحور حول ضرورة تفعيل العمل الحكومي، وبالتالي بلورة حلول لمشكلة الانفاق المالي واعطاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم وكذلك الجدّية المطلوبة. ووصف جو المشاورات بأنه "كان ايجابياً ومريحاً واتفقنا على وضع الامور على السكة المطلوبة حتى يشعر الجميع بأن الانفاق تقونن وليس هناك أي عراقيل". وعلى أمل أن يترجم تفاؤل فنيش في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل، والانتقال الى "مرحلة جديدة من العمل الحكومي المنتج على الصعد المالية والادارية والانمائية"، أرجئت الجلسة التي كانت مقرّرة غداً الاربعاء الى بعد غد بسبب الزيارة التي يقوم بها رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى الامارات، حيث سبقته أنباء عن طرد عدد كبير من اللبنانيين العاملين هنالك ومعظمهم من الطائفة الشيعية ، لينضم هذا الملف الاضافي الى ملف الدول الخليجية التي دعت رعاياها الى الرحيل من لبنان، الامر الذي يشكل ضربة قاسية للاقتصاد السياحي اللبناني.
وتبقى دعوة الرئيس سيمان الى التئام هيئة الحوار الوطني في بعبدا يوم الحادي عشر من حزيران الجاري، هي الاستحقاق العالق في دوامة المماطلة والشروط التي حاكتها قوى 14 آذار، ما يهدّد عقد طاولة الحوار بالتأجيل، أو بصرف النظر عنها، أو انعقادها بمن حضر، والازمة باقية في كل حال، إلا إذا هبط وحي، اقليمي خارجي، فجأة على هذه القوى فبرّد رؤوسها الحامية.
وفي السياق ما يزال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري معتصماً بصمته حيال المشاركة في طاولة الحوار، فيما رئيس كتلة "المستقبل" النيابية فؤاد السنيورة مستمر في المناورة والمداورة وحبك الشروط، على مقولة من لا يريد تزويج ابنته يرفع سقف مهرها لحمل العريس على الهرب. أما آخر الابتكارات السنيورية فنقلته عنه جريدة النهار اليوم ويتلخص بقوله إن المذكرة التي سترفعها قوى 14 آذار الى رئيس الجمهورية في شان الحوار هي "قيد التحضير وتسلّم الى الرئيس قبل 11 حزيران" وهي تتضمن - وفق النهار - اربعة شروط: قيام حكومة انقاذ حيادية قبل الانتخابات النيابية المقبلة، جعل السلاح موضوعاً اساسياً للحوار لأنه خارج عن القوى النظامية، إبعاد لبنان عن سياسة المحاور الاقليمية وتأكيد دور الجيش. اما رئيس حزب "القوات" سمير جعجع فطالب رئيس الجمهورية "بتأمين حدّ أدنى من مقومات الحوار الجدّي والصاق"، كاشفاً عن ان موفداً من قوى 14 آذار سيقوم قريباً بزيارة بعبدا ليناقش مع سليمان ""مقومات الحوار الجدّي"، من دون الكشف عن ماهية هذه "المقومات" وطبيعتها ومعيار جديتها وصدقيتها.
في هذه الاثناء ما تزال قضية المخطوفين اللبنانيين الاحد عشر غارقة في متاهة الوساطات والمساعي السريّة، من دون ظهور أي بارقة أمل، سوى جرعات التفاؤل، بقرب انتهاء محنتهم.
وكأن لبنان ليس لديه ما يكفيه من المشكلات لتضاف مشكلة من خارج كل الحسابات، هي مسألة التحرش الجنسي التي اقترفها أحد الاساتذة على نحو عشرين طفلة من تلميذات مدرسة عينطورة العريقة، الامر الذي أحدث صدمة واشعل حال غضب واسعة في أوساط الاهالي والمعنيين، وتالياً وضع القضاء المختص يده على هذا الملف، وقد رأى فيه رئيس اللجنة الاسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران كميل زيدان أنه "يطال كل النظام التربوي" في لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك