خلال أقل من شهر جرت محادثات رفيعة المستوى بين الروس والأكراد، وتحديدا بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ومعه رئيس الأركان فاليري غيراسيموف، وبين قائد "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية سيبان حمو الذي جرى نقله بمروحية روسية، المحادثات جرت على مرحلتين في قاعدة حميميم الجوية العسكرية (الشهر الماضي) وفي موسكو (الأسبوع الماضي)، وتمحورت حول ثلاثة ملفات:
1 - مصير مدينة دير الزور، إذ إن المحادثات بين الجانب الروسي وقائد الوحدات الكردية قضت بأن تسيطر "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) بدعم التحالف الدولي بقيادة أميركا على الضفة الشرقية لنهر الفرات وتحرير مدينة الرقة من "داعش" على أن تسيطر القوات النظامية على مدينة دير الزور غرب النهر، ما قلص من طموحات "قوات سوريا الديموقراطية" التي كانت تطمح في الوصول إلى مدينة السخنة التي سيطرت عليها قوات النظام بدعم عسكري روسي وتعرضت لهجمات من "داعش"، وقلص هذا من طموحات دمشق التي كانت تريد التقدم شرق نهر الفرات.
2- مصير مدينة عفرين في ريف حلب غرب نهر الفرات، علما بأنها من الأقاليم التي تشكل "فيدرالية الشمال السوري الكردي"، إضافة إلى إقليمي الجزيرة والفرات شرق الفرات، وركز الجانب الروسي على أن دخول الجيش التركي إلى إدلب جاء ضمن عملية أستانا لـ"خفض التصعيد" وتطبيق الاتفاق، وأنه لا علاقة له بعفرين وحصارها، لكن القيادي الكردي طلب توفير ضمانات بمنع تدخل الجيش التركي ضد عفرين في ريف حلب.
3- مستقبل سوريا السياسي، إذ إن القياديين الروسيين أبديا ارتياحهما لسيطرة "قسد" على مناطق واسعة شرق البلاد وشمالها وطرد "داعش"، وقالت المصادر: "الجانب الروسي قال بوضوح إنه يرى مستقبل سورية اتحاديا مشابها لروسيا الاتحادية، وانه يريد استخدام قوة الوحدات الكردية على الأرض (تضم أكثر من ٧٠ ألف مقاتل وتسيطر على ثلث مساحة سوريا البالغة ١٨٥ ألف كيلومتر مربع مقابل نصفها لقوات النظام) ورقة للضغط على دمشق لقبول التفاوض على حل فيدرالي أو اتحادي".
موسكو ترى مستقبل سوريا اتحاديا مشابها لـ"روسيا الاتحادية"، وهي ليست قلقة من سيطرة "قسد الكردية" على مناطق شرق نهر الفرات ومصادر النفط والغاز هناك، بالتالي فإنها ترى الأكراد طرفا رئيسيا في العملية السياسية لصوغ مستقبل البلاد، وأن قطار التسوية سينطلق بعد تحرير مدينتي الرقة ودير الزور من "داعش" في الأسابيع المقبلة.
أولى لبنات البحث عن التسوية، هي عقد مؤتمر وطني من الأطراف السورية في حميميم، القاعدة العسكرية الروسية قرب اللاذقية في ٢٩ الشهر الجاري، وتبحث فيه خمس نقاط هي: الوضع السوري العام، خفض التوتر بين الأطراف السورية، نقاش حول الدستور السوري، تشكيل لجان تفاوضية لمشاريع المستقبل، التمهيد لمؤتمر شامل.
ويمهد مؤتمر حميميم لإطلاق مؤتمر حوار وطني موسع لإطلاق عملية سياسية تظهر ملامحها قبل الانتخابات الرئاسية الروسية في آذار المقبل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك