كشف الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه في ذكرى عاشوراء عن معضلة حقيقية تبدو مطروحة امام الحزب بقوة وهي مواجهة الحزب المتغيرات التي بدأت تشهدها المنطقة وتأثيرها عليه على نحو مباشر. اذ ان اضطراره الى غض النظر إن لم يكن الموافقة على تمويل للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان على نحو مغاير لكل المسار الذي ينتهجه الحزب منذ بضعة اعوام احدث ارتباكا لم يكن سهلا استيعاب تداعياته بين مناصريه أكان السبب المباشر هو استقرار لبنان باعتباره الذريعة التي اعتمدت لتبرير ذلك ام هو وضع النظام السوري الذي فرض اعتماد هذا الخيار. والاستنتاج المنطقي لتغيير يطاول سوريا على مستوى النظام والهيكلية السياسية انه سيترك اثرا على الحزب كما على لبنان وسائر المنطقة كان ابرز مؤشراته اقرار التمويل مما حتم اطلالة قوية عملانية وخطابية تبدد المخاوف وفق رأي غالبية المراقبين. ويتحسب الامين العام للحزب للمستقبل القريب واحتمالاته التي تثير قلق الحزب على نحو خاص، علما انها تثير قلق اللبنانيين ايضا وإن من منطلقات او زوايا مختلفة، فجاء كلامه وفق المراقبين في اطار الطمأنة تحت باب التهديد وتأكيد امتلاك القوة للبقاء والدفاع عن النفس من دون الاستهانة بوجود هذه القدرة. قال السيد نصرالله: "إننا امام كل التطورات التي تجري في المنطقة لا نتعاطى مع الشأن اللبناني على انه جزيرة منعزلة ولا يمكن احدا وليس صحيحا ان يتعاطى احد مع الاوضاع في لبنان او مع كل ما يجري فيه بشكل منفصل عما يجري في المنطقة بل هو متصل تماما بعمق وقوة". ويضيف في مكان آخر: "لن يحول بيننا وبين اداء هذا الواجب (اي المقاومة) وهذه المسؤولية اي اخطار او تهديدات او اي تهويلات او اي وقائع واي متغيرات". وتاليا فإن السؤال هل يستطيع الحزب ان ينأى بنفسه عن هذه المتغيرات او يقف في وجهها ويحاول تثبيت وضعه كثابتة لا يطاولها اي تغيير كيفما هبت الرياح الاقليمية؟ والسؤال الآخر يتصل بواقع اقفال باب الحوار الداخلي على سلاحه فيما ان المتغيرات الاقليمية تفترض فتح احتمالات الحوار على غاربها درءا للانعكاسات على لبنان من اي نوع من جهة والسعي الى تأمين حماية داخلية للحزب كما لسائر الافرقاء حين تذوي الرعاية الاقليمية او تضعف من جهة اخرى.
يقول مراقبون إن التمويل هو تعبير جزئي تفصيلي في نهاية الامر، على رغم اهميته، عن التحولات الجارية لكن يقتضي ابراز امرين على الاقل. اولهما ان مآل الامور في سوريا بات يدركه الجميع حتى من هو في موقع الاستمرار في الدفاع عن النظام في وجه معارضيه. فالاتصالات واللقاءات الجارية على الصعيدين الاقليمي والدولي تحاول انقاذ ما يمكن انقاذه في سوريا على طريقة التسوية اليمنية بحيث يبرز السؤال الاساسي: هل يمكن انقاذ الرئيس السوري من دون النظام او يتم انقاذ النظام من دون الرئيس؟ على رغم ان من يعرف النظام السوري يدرك جيدا انه ليس سهلا الفصل بينهما حتى لو تم التحايل على الامر. والوساطة الروسية العاملة على خط الاتصالات الاقليمية تضغط بقوة من اجل ان يقبل النظام السوري بالمبادرة العربية لئلا تصبح هذه المبادرة التي دعمتها روسيا نص قرار دولي يصدر عن مجلس الامن ولا يمكن روسيا الا القبول به وتأييده بعدما اعلنت تأييدها للمبادرة العربية في وقت سابق وطلبت من النظام السوري القبول بها. لكن الامور بدأت تنضج على نحو اسرع مما يتوقع كثر في ظل كلام على هذا النوع من المخارج.
الامر الآخر هو ان مفاعيل ما يجري في سوريا بدأت تسري على الواقع اللبناني، وهو امر لم يعد في الامكان تجاهله او انتظار حصول التغيير الاكبر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك