كتبت صحيفة "اللواء": بعد طي صفحة تمويل المحكمة، يظهر بوضوح أن سلسلة من المطبات والعوائق الكبيرة تنتظر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد دفتر الشروط الذي وضعه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله للرئيس ميقاتي وطالبه بتنفيذه، في خطوة بدت مستغربة كثيراً من جانب المقرّبين من رئيس الحكومة الذين يعتبرون أن مصلحة البلد وحدها التي تحدد كيفية تعامل الرئاسة الثالثة مع تطورات الأوضاع الداخلية، بعيداً من محاولات فرض الإملاءات ووضع الشروط.
ولا يختلف اثنان على أن الأجندة التي وضعها السيد نصر الله للرئيس ميقاتي تشير إلى أن "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" وخلافاً لكل ما يقال يريدان المقايضة على عملية التمويل، من خلال الطلب إلى رئيس الحكومة بإعادة ملف شهود الزور إلى الواجهة ووضعه على جدول أعمال مجلس الوزراء في جلساته المقبلة، وكذلك الأمر في الدعوة إلى الالتزام بتنفيذ شروط النائب ميشال عون، وإن حاول الفريقان تجاهل هذه المقايضة وعدم القبول بها، لكن لا يخفى على أحد أن هذه المقايضة أصبحت حقيقة بعد أن حدد السيد نصر الله للرئيس ميقاتي خطة سيره في المرحلة المقبلة، بعد قرار تمويل المحكمة.
وبرأي أوساط سياسية مراقبة فإن تطويق رئيس الحكومة بسلسلة مطالب حددها السيد نصر الله في كلامه الأخير، لا تساعد كثيراً على إخراج البلد من أزمته، في الوقت كان اللبنانيون يمنُّون النفس بأن يكون إقرار التمويل مناسبة لتهدئة الاحتقان السياسي في البلد وإعادة تفعيل قنوات الحوار بين الفرقاء السياسيين. لكن يبدو أن الأمور ذاهبة باتجاه أخذ البلد إلى توترات سياسية جديدة لن تكون في مصلحة أحد، ما يتطلب وقفة مسؤولة من جانب القيادات في الموالاة والمعارضة لتفادي الدخول في أزمة سياسية ستقود لبنان إلى الهاوية إذا لم يصر إلى تداركها وتطويقها.
وتشدد الأوساط على أن محاولة قوى "8 آذار" تطويع رئيس الحكومة وإرغامه على السير وفق برنامجها والتدخل في قضايا هي من صلب صلاحياته التي منحه إياها الدستور، أمر في غاية الخطورة، ويكشف عن نوايا مبيتة لعرقلة عمل المؤسسات ومصادرة صلاحياتها، كأن يتم فرض بنود على جدول أعمال مجلس الوزراء المناط حصراً برئيس الحكومة، ما سيخلق بالتأكيد مناخات طائفية ومذهبية ستوتر الأجواء وتزيد الانقسامات الداخلية.
واعتبرت أن من مصلحة كل الأطراف توفير الدعم والمؤازرة للرئيس ميقاتي لإستثمار عملية إنجاز التمويل في تعزيز الوحدة الداخلية وتقريب المسافات بين اللبنانيين تمهيداً للعودة إلى الحوار الكفيل وحده بإعادة ربط الجسور بين الأكثرية والمعارضة، وليس من خلال العمل على تحديد المسار الذي على رئيس الحكومة أن يسلكه، باعتبار أن لهكذا توجه محاذير خطرة على الوضع الداخلي، من شأنها أن تعرقل الأداء الحكومي وتشل عمل المؤسسات وتُبقي الأزمة مفتوحة على شتى الاحتمالات، حيث سيكون من الصعوبة بمكان التنبؤ بالمسار الذي ستسلكه الأمور من الآن وصاعداً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك