في أواخر عام 2008، أقرّ المجلس النيابي اللبناني حق الاقتراع للمغتربين في دورة العام 2013. الا ان مماطلة وزارة الخارجية والمغتربين والاهمال الذي تتقصده حيال هذه القضية، وهي مطلب اساسي ورئيسي لدى حزب الكتائب اللبنانية، هما المسببّ الأهم في عدم ايجاد آلية لعملية الاقتراع وبالتالي عدم إطلاق ورشة إدارية لوجستية لإنجاز الترتيبات المطلوبة للعملية الانتخابية. وبين " قرطاسية" الشامي و نمط "الصمت" الذي يتبعه منصور في عمله، لا يزال حق المغتربين اللبنانيين في المشاركة بصنع القرار في وطنهم الأم رهينة حسابات سياسية ضيّقة. اذ ليس صحيحا ما يشاع عن ان مشاركة المغتربين في الانتخابات النيابية من شأنها الحاق الغبن بطائفة على حساب اخرى ، خصوصا وان العديد من الاحصاءات ودراسات خبراء ديموغرافيين اكدّت أنّ عدد المغتربين من الطائفة المسلمة بات يساوي عدد المغتربين المسيحيين، اذا لم يكن قد فاقهم. ولا التكلفة المادية التي ستتكبدها الدولة اللبنانية هي ايضا العائق، اذ ان المغتربين لطالما ابدوا استعدادهم لتغطية القسم الكبير من التكاليف على ان يعطى لهم ما هو حقهم! فما هو ذاك الهاجس اذا الذي يساور البعض من سياسيي لبنان وحكامه ممن يتقصدون اهدار الوقت لعدم بتّ مسألة اقتراع المغتربين؟ لعلّ استرجاع عام 2009 كاف للاجابة على السؤال. وقد يكون مشهد المئات من اللبنانيين المقيمين في الخارج وهم يحطون ارض لبنان في زيارة "يومين" على حساب مرشح من هنا او زعيم سياسة او طائفة من هناك أبلغ دليل. هؤلاء ارتضوا بيع اصواتهم لمصلحة شخصية ومادية. فهل من مصلحة بعض المسؤولين في لبنان خسارة " هذه الورقة" الرابحة؟ هذا من جهة . اما من جهة اخرى ، فان العديد من حكام لبنان يدركون ان "اوراقهم" الخضراء التي يدأبون على توزيعها في قرى لبنان ومدنه قبل الانتخابات، لا تصرف في " بنوك" العائلات اللبنانية المغتربة! فالجالية اللبنانية المنتشرة في بقاع الأرض تنعم، بغالبيتها، بالاكتفاء المادي، والأهم ان مستقبل اولادها واحفادها مؤمن. وهي اذ تعيش في بلاد المؤسسات والقانون والرعاية الاجتماعية الكاملة، واذ تتعلم ان تحفظ بنود حقوق الانسان عن ظهر غيب كما يحفظ الطفل شعر الربيع وعيد الأم، واذ اعتادت على ممارسة حرية الرأي والتعبير والقرار بعيدا من كلّ انواع الضغوطات والممارسات الترهيبية والترغيبية، فإنها لن تقترع الا لمن يحمل مشروعا سياسيا يخدم الوطن اولا وآخراً. مشروع يؤمن لأهلهم في لبنان حياة كريمة وحرّة وعادلة حيث لا هموم اقتصادية واجتماعية ومعيشية، ويوّفر لهم بالتوازي وطنا يفخرون به أينما حلّوا. لا. لا علاقة لقضية اقتراع المغتربين اللبنانيين بالطائفية ولا بال " كم دولار زيادة" على خزينة الدولة. انها في Göteborg السويدية حيث تهتمّ الشركة المالكة للشقق بتصليح مقبض الباب في منزلك اذا انكسر. هناك في الدولة التي تعيد ما دفعه العامل من ضريبة اضافية له، بعد سنة! حيث يجوب الوزراء على البلديات حاملين للمواطنين زهرة ومشروع نهضة جديد. وحيث ينتخب السويدي الكترونيا وهو يرشف القهوة في منزله. انها في Canada حيث السيارة من الكماليات والقطار السريع ثروة. وفي London حيث الضباب لا يحجب الفنّ والشعر والرسم...وفي Australia حيث يرقص اللبنانيون الدبكة في شوارع سيدني ويقيمون ندوات سياسية من دون خوف... انها هناك، حيث لا موطئ ، ولا " شغلة ولا عملة" لبابا نويل السياسة في موسم الانتخابات اللبناني، في حال اقترع اللبنانيون في بقاع الاغتراب. هذا هو هاجس ممانعي ومقاومي بتّ آلية اقتراع المغتربين : خوف من فقدان صوت لبناني يشترى ، وعجز عن شراء لبناني مغترب في اوطان السلام والامان والبحبوحة ، يحلم حتى الساعة بحق له، كي يقترع لمشروع بناء وطن، ويقتلع النظام الحالي المهترئ.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك