إذا كنّا، نحن معشر الصحافيّين، وكاتب هذه السطور منهم، يستهوينا الانتقاد ووضع الأصابع على الجراح، وما أكثرها في لبنان، فإنّ المهنيّة، كما الوطنيّة، تدعونا الى التوقف عند كلامٍ معبّر جدّاً في التوقيت والمكان، و، خصوصاً، في هويّة قائله.
وقف رجلٌ اسمه نهاد المشنوق يوم أمس مكرَّماً في مؤسّسة المقاصد، فقال كلاماً يستحقّ عليه تكريماً مضاعفاً.
بعد "همروجة" حرق عالم "داعش" في ساحة ساسين وما تبعها من تضخيم في التعاطي معها من قبل البعض هجوماً ومن استغلالٍ سياسي وإعلامي لها من قبل البعض الآخر دفاعاً، أتى كلام المشنوق ليكون صوت العقل، في وقتٍ ترتفع فيه أصوات النشاذ الطائفي من كلّ حدبٍ وحزبٍ وتيّار.
قال المشنوق: "البعض يحمل علماً أسود في طرابلس وغيرها عليه كلمات مقدّسة هي الاولى والاصدق بديننا كمسلمين، ويعتبر هذا البعض أنّ هذا العلم يعبّر عن وجهة نظرهم، وهو علم دولة الاسلام. انا اقول ان هذا العلم وهذا الكلام المكتوب عليه لا قيمة له عندما يُستعمل لذبح عسكري لبناني تحت رايته.
أنا لست بمتخصص بالدين ولكن لا اقبل لحظة ان ارى مواطناً أو عسكريّاً لبنانيّاً يذبح تحت راية هذا العلم ويأتي من يقول إنّ هذا علم دولة الاسلام. ان هذا ليس بالاسلام، ولبنان ليس ليس بلداً اسلاميّاً، بل بلد التنوع والاتفاق، وبلد كل الطوائف، ومن يرضى يرضى ومن لا يرضى لا يرضى.
أسأل حاملي العلم الاسود، ما الذي فعله للعراق وسوريا والسعودية؟ الاهم ما فعلته المملكة العربية السعوديّة قبل المساعدات، هو يقظة السعودية لوقف التطرف، ونحن اللبنانيّين لنا مصلحة قبل السوريّين والعراقيّين، لأنّنا لا نقبل ولا لحظة بأن يكون وضع المسيحيّين في لبنان كما حصل في سوريا والعراق من باب حفظ توازن البلد وحكمة وعقل البلد، ومن دون ذلك تنتقل الحرائق لعندنا كما في سوريا والعراق.
الاعتدال اصعب من التطرف وهو ما تمثّله بيروت وهذه الوجوه الكريمة، والغلو والمبالغات واستعمال الدين كواجهة سياسيّة هو الاسهل ويؤسس للعصبيّة، لكن هذا ضدّ الدين بمضمونه لأنّ الدين هو تسهيل لحياة الناس، وأنا اعرف، أنّ العشرات ممّن ساروا في طرابلس لا يمثلون المدينة وأهلها، لأنّ ما قاموا به هو اعتداء على المدينة والدين والاسلام وهو تشويه للدين".
يستحقّ نهاد المشنوق الاحترام، وله على هذا الكلام تحيّة...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك