حين يلتقي صحافيّ بسياسيّ في هذه الأيّام، ومهما تشعّبت الأسئلة في الحوار أو الدردشة معه، لا بدّ أن يتوقّف عند سؤال مشترك ويختصر غيره من الأسئلة: هل ستحصل الانتخابات في موعدها؟ أما اللافت، في ما تتلقّاه من إجابات على هذا السؤال، فهو أن لا رأي موحد، حتى داخل كلّ فريق، حول حصول الانتخابات في موعدها.
يستقبل لبنان عاماً جديداً تزدحم فيه الاستحقاقات والتحديات، منها ما يتصل بالانتخابات النيابيّة ومسألة التمديد لقائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي أو عدمه، ومنها ما يتصل بما يحصل في سوريا، وارتداداته الأمنيّة خصوصاً التي تبدأ من عكار وتصل الى صيدا، مروراً بطرابلس وجبهتها التي لا تستمرّ الهدنة فيها أكثر من أسابيع. ولعلّ ازدحام الاستحقاقات وحماوتها يؤكدان على أنّ التمنيات التي يطلقها اللبنانيّون، ومنهم السياسيّون، بعام من الاستقرار والأمان والبحبوحة لن يتجاوز حدود الأمنيات التي لن تبلغ، أبداً، حدّ الواقعيّة.
نحن أمام عامٍ صعب. لا بدّ من التسليم بالأمر الواقع. وما يوحي، خصوصاً، بهذه الصعوبة، هو السؤال الذي باشرنا هذه السطور بالإشارة إليه: هل ستحصل الانتخابات في موعدها؟
يجيب مرجع سياسي بارز بصراحة، ردّاً على هذه السؤال: "ربما تحصل تغييرات من الآن وحتى موعد الاستحقاقات، أما إذا كان عليّ أن أجيبك وفق المعطيات المتوفرة لديّ اليوم، لقلت: لن تحصل الانتخابات". ويبدو مرجع آخر، حليف، أقلّ حسماً في الإجابة على السؤال نفسه: "تأجيل الانتخابات أمر مطروح ووارد". في المقابل، يرى نائب ينتمي الى المرجع الثاني بأنّ لا شيئ سيمنع حصول الانتخابات، خصوصاً في ظلّ قرار دولي بإجرائها في موعدها.
تنتمي الشخصيّات المشار إليها الى فريق الأكثريّة و8 آذار. أما في الفريق المقابل، فيستبعد أحد النوّاب، ردّاً على سؤالنا نفسه، إجراء الانتخابات. يقول، على طريقته: "ما من أحدٍ يريد للانتخابات أن تحصل. فريق 8 آذار لا يريدها لأنّه سيخسرها، وفريق 14 آذار لا يريدها لأنّ تمويلها يبدو غير متاح". ويشير نائب آخر، من فريق 14 آذار أيضاً، الى أنّه يعمل للانتخابات على أنّها حاصلة، إلا أنّه لن يتفاجأ في حال حصول حادث أمني يؤدّي الى تأجيلها.
ينقسم الفريقان السياسيّان إذاً على تحديد موقفٍ واحد من حصول الانتخابات أو تأجيلها. لا يملك أحد جواباً حاسماً على هذا السؤال. لا أحد يعرف، بكلّ بساطة. وإذا كان بعض الناس لا يعرفون بأنّ السياسيّين، في كثيرٍ من الأحيان، لا يملكون إجابات عن الكثير من المواضيع، وكأنّهم من عامة الناس، فإنّنا، نحن معشر الصحافة، نعرف ذلك، ونعرف، أيضاً، بأنّنا في أغلب الأحيان، لسنا أفضل حالاً لأنّ القرار في بعض المسائل اللبنانيّة غالباً ما يكون خارج الحدود، حيث لا نصل... ولا يصل معظم السياسيّين.
وبعد، هل تستغربون أن تزدهر مهنة التوقعات في لبنان؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك