كتبت صحيفة "الراي" الكويتية: مع ان الأزمة السورية بتطوّراتها الدامية والغموض الذي يكتنف مصير النظام السوري ومصير سورية الجديدة من بعده تشغل العالم بأسره، يبدو لبنان عشية استقبال السنة الجديدة 2013 اكثر البلدان انشغالاً وارتباطاً وانخراطاً في انعكاسات هذه الازمة عليه.
ويمكن القول، مع الساعات الاخيرة من الـ2012 ان هذه السنة تُختصر لبنانياً بتعمق الانعكاسات التي فجّرتها الازمة السورية في لبنان على مختلف الصعد السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية من دون ان يتوافر للبنانيين ادنى ضمان في ان تحمل اليهم السنة الجديدة ما يخفف من أعباء المزيد من التداعيات والانعكاسات على اوضاعهم.
فالسنة الراحلة تترك للبنانيين ازمة سياسية حادة ومفتوحة على شتى انواع السيناريوات القلقة والمقلقة خصوصاً في ظل اقتناع عام، يعبّر عنه فريقٌ ويصمت عليه فريق أخر، بان سنة 2013 مرشحة لان تشهد تحولات دراماتيكية ضخمة في الازمة السورية في مقدمها احتمال انهيار النظام. وهي الاحتمالات التي تطوى معها الـ 2012 وتفتح معها سنة 2013 اقله في الحسابات المضمرة لسائر الافرقاء اللبنانيين.
وفي ضوء هذا الواقع، تدور كل التوقعات المسبقة على الاستحقاق الانتخابي اللبناني في الربيع المقبل، والذي بدأ يشكل حجر الرحى الاساسي الذي يحرّك مجمل الوضع السياسي اللبناني.
وتنطلق سنة 2013 واقعياً مع المحاولة الجديدة اليتيمة لاحياء حوار نيابي عبر لجنة نيابية مصغرة تضم نواباً من مختلف الكتل الكبيرة في قوى 14 آذار والكتل الوسطية، معنيّة بدرس ملف قانون الانتخاب. ومع ان الجو الداخلي يبدو مرحباً بهذه الخطوة لكونها المحاولة الاولى لكسر القطيعة بين فريقيْ النزاع والتي نشأت بقوة عقب اغتيال اللواء وسام الحسن في تشرين الأول الماضي وما أعقبها من مطالبة قوى 14 آذار باستقالة الحكومة، فان مجمل المعطيات لا يحمل على التفاؤل بامكان نجاح هذه اللجنة في التوصل الى قانون جديد ضمن معه لبنان إتمام استحقاقه في موعده الدستوري الذي يبدو انه صار يتنازعه "خط احمر" دولي يصرّ على انتخابات بمواقيتها و"عصا غليظة" من فريق 8 آذار تلوّح بتطيير الاستحقاق ما لم يُقرّ قانون جديد بديل عن الحالي.
المواقف العلنية للافرقاء كافة من هذا الاستحقاق توحي بفجوة هائلة يصعب معها تصور اختراق عجائبيلوضع قانون توافقي يرضي الجميع. والاهم من ذلك ان تطورات الازمة السورية تملي قاعدة ذهبية في الصراع اللبناني وهي ان كل فريق لن يكون مستعداً للتنازل او التخلي عن اوراق يملكها في وقت يسود الانطباع بأن العد العكسي للنظام السوري بات حقيقة واقعة. وهو الامر الذي ينعكس على لبنان بمزيد من الغموض القلق على استحقاقاته واوضاعه في السنة الجديدة.
واذا كانت جردة الاضرار والتداعيات للازمة السورية على لبنان في السنة الراحلة تتسع في كل المجالات، فان اكثر ما يخشاه المراقبون هو تلاشي المناعة السياسية والاقتصادية في السنة الجديدة امام الاخطار الاضافية التي ستتدفق على لبنان من أزمة جارته سواء في مضاعفة أعداد النازحين السوريين والفلسطينيين وأثقالهم غير المحدودة او عبر الرياح الحارة التي ستفلح ازمته السياسية الداخلية.
ولكن، رغم كل هذه الانطباعات المثيرة للقلق ثمة مَن لا يزال يراهن على قرار دولي واقليمي بعدم ترك لبنان وحيداً في ساحة تلقي انعكاسات الازمة السورية عليه.
هذا الرهان ، وإن كان بعضٌ قليل يسوّقه ويبدي اقتناعاً به، يرتكز الى معادلة أرستها السنة الحالية المشارفة نهايتها، وهي ان لبنان اعتاد في الـ 22 شهراً من عمر الازمة السورية التكيّف مع انعكاساتها ومرّر الامر بحد ادنى من الاهتزازات ولم يصل الى حدود مخيفة، وهو امر يعكس وجود قرار دولي يمنع انهيار لبنان. ولن يكون الوضع مختلفا في السنة الجديدة بل على العكس تماماً، فان القرار الدولي سيمعن في الضغط لمنع تحويل لبنان ورقة تصدير واستيراد للازمة السورية الى حدود انفجاره.
وفي اي حال فان صراع الرهانات هذا يكاد يكون نسخة طبق الاصل عن واقع لبنان العابر من سنة الى سنة بهاجس سيظل يلازمه ويؤثر عليه ما دامت الازمة السورية مفتوحة على مزيد من التطورات والمفاجآت.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك