بين فترة وفترة تتسرب أخبار عن قرب صدور القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
لم يصدُق أي موعد حتى الآن وها نحن نعيش اليوم تسريباً جديداً يوحي وكأن ذلك القرار الموعود سيخرج الى النور بين ليلة وضحاها.
ولكثرة ما ضربت مواعيد بات القرار الاتهامي اسير النهاية التي نعرفها في حكاية "الراعي والذئب" اضافة الى ان التسريبات كانت تسمح في كل مرة باطلاق التهجمات على المحكمة الدولية التي تعرضت اصلاً لبعض الاهتزاز في المصداقية.
ما يعنينا اليوم هو مضمون القرار من جهة وتلك التهجمات من جهة ثانية.
فالجريمة وقعت لا شك في ذلك، والضحايا معروفون ولا شك في ذلك.. اذاً، من الطبيعي القول ان هناك مجرمين.. فمن هم؟
المحكمة الدولية أنشئت لهذه الغاية وهي تعرضت ولا تزال لانتقادات وتهجمات عنيفة ولاتهامات قاسية استناداً الى ما كان يتسرب من تحقيقات ووثائق وتسجيلات.
حسناً، ولكن لنعد الى السؤال: من قتل رفيق الحريري؟ أليس من الحكمة انتظار القرار الاتهامي والحكم على مدى مهنيته ومصداقيته بعد الاطلاع على مضمونه واقوال الشهود.
يقول البعض ان القرار مسيّس والمحكمة مسيّسة وفي هذا اتهام لمن يريد الحقيقة والعدالة.
هل يعتقد هذا البعض ان مؤيدي ومحبي رفيق الحريري سيوافقون على بياض، على اي شيء يتضمنه القرار الاتهامي؟ وهل يعتقدون ان الالتزام بمبدأ العدالة بالمطلق قد يخضع لمبدأ التنازلات والمساومات؟
أعتقد جازماً ان المنحازين لمبدأ الحق سيكونون اقسى على مضمون القرار من غيرهم, فإن كان غير مقنع فهم سيدمرون التحقيق والمحكمة على رؤوس القضاة.. وان كان متحاملاً بغير حق سيطالبون بمحاكمة قضاة التحقيق.
للذين يؤمنون بما جاء في الكتب السماوية ان يعيدوا قراءة ما كان بين قايين وهابيل. لقد تعلم الاول كيف يدفن أخاه بعدما شاهد الطير فعلته وتعلم الأنام "ان من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا"..
لم يحاكم قايين ولكنه لايزال حتى يومنا هذا الملعون الاول والاخير.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك