لـتـقـى الأقـطـاب فـي الـنـهـار ، وكـان كـلام فـي اللـيـل مـع "الـخـلـيـلـيـن" ، اسـتـبـشـروا إذاً ، بـولادة الحـكـومـة ، هـذا الـشـبـح الأسـطـوري ، وبـطـل قـصـص ألـف لـيـلـة ولـيـلـة، ولْـنـهـنِّـيءْ الـعـبـاقـرة المـعـنّـيـين بـالـتـألـيـف الـذيـن يـتـلاعـبـون بـأعـصـابـنـا، ويـحـتـقـرون عـقـولـنـا، ويـبـتـكـرون لكـلّ لـيـلـة حـكـايـة بـلا نـهـايـة، حـتـى لا يـبـطـش شـهـريـار بـشـهـرزاد .
وصـدَّقْـنـا مـعـهـم ، أنَّ طـبـخـة الحـكـومـة تـتـم عـلـى نـار خـفـيـفـة ، كـأنـنـا لا نـأبـه ولا يـأبـهـون لـزنّـار الـنـار المـشـتـعـل فـي المـحـيـط الـذي حـولـنـا ، وهـو يـنـذر عـنـدنـا بـنـار قـد تـتـوثّـب تـحـت الـرمـاد، مـع أن الـنـار الخـفـيـفـة لا تُـنْـضِـجُ إلاّ حـكـومـة خـفـيـفـة ، فـيـمـا الـظـرف يـحـتـاج الـى حـكـومـة ثـقـيـلـة، حـكـومـة مـن الـعـيـار الـثـقـيـل.
عـلـى عـلـمـنـا ، أَن كـلاًّ مـن أربـاب الـهـيـكـل قـد صـلّـى عـلـى نـبّـيـه واسـتـشـعـر شـهـادة الحـق ، فـلـمـاذا كـلـمـا زُفَّـتْ إلـيـنـا بـشـرى يـنـطـلـق مـاردٌ مـن قـمـقـم . . . ؟ ولمـاذا كـلـمـا داويـنـا جـرحـاً سـال جـرح . . . ؟ ولمـاذا كـلـمـا أتـانـا شـاهـد بـنـبـأ الـولادة ، تُـخـتـم بـعـده الأفـواه بـالـشـمـع الأحـمـر . . . ؟ حـتـى إن فـارس الـطـاولـة المـسـتـديـرة الـنـائـب ولـيـد جـنـبـلاط المـشـهـور بـامـتـطـاء حـصـان ااـشـاعـر امـريء الـقـيـس:
"مـكـرٍّ مـفـرٍّ مـقـبـلٍ مـدْبـرٍ مـعـاً". . . ؟ لـم تـعـد الـخـيـلُ مـعـه أعـلَـمَ بـفـرسـانـهـا.
وعـلـى عـلـمـنـا أيـضـاً، أن ورقـة الـتـيـن الـتـي كـانـت تـخـفـي عـورة الـخَـلْـقِ الحـكـومـي فـي وزارة الـداخـلـيـة، قـد سـقـطـت بـشـفـاعـة سـمـاويـة عـلـى إسـم الـقـديـس "شـربـل"، فـهـل نـنـتـظـر شـفـاعـة عـجـائـبـيـة بـعـد ، مـن سـيـدة حـريـصـا لحـل عـقـدة كـسـروان وجـبـيـل ، والحـصـول عـلـى مـفـتـاح الـسـر الـغـامـض للمـعـركـة الإنـتـخـابـيـة الآتـيـة عـلـى حـصـان أعـرج؟
أيـاً تـكـن جـدّيـة هـذه الـذرائـع ، إلاّ أنـهـا تـظـلّ واهـيـة أمـام جـديـة الـتـاريـخ، وجـديـة أن تـكـون عـنـدنـا دولـة ، لـيـسـت دولـة عـلـى "المـجـاز" كـمـا يـصـفـهـا الـشـيـح الـرئـيـس ابـن سـيـنـا، ولـيـسـت دولـة قـصـيـدة أحـمـد شـوقـي "سـألـتـك المـوت ولا ذي الـدولـة"، ولـيـسـت دولـة ، لكـل أمـة فـيـهـا شـبـه دولـة ، وشـبـه حكـومـة ، وشـبـه رعـايـا ، وشـبـه وطـن، ولـيـسـت دولـة الـقـبـائـل والـعـشـائـر والإبـل والأطـلال ، ودولـة الـعـصـر الجـاهـلـي الـذي لـولا ظـهـور الإسـلام لأكـلـتْ فـيـه قـبـيـلـة تـغـلـب الـنـاس.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك