ليس من المنتظر ان "الفول سيصير في المكيول "، كما قال الرئيس نبيه بري امس، بعد اجتماع اقطاب الاكثرية الجديدة على هامش الجلسة النيابية التي لم تعقد ولن تعقد، في ظل ما يراد لها من ان تحوّل السلطة التشريعية سلطة تنفيذية، بمعنى جعل البرلمان يتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية المؤتمن على احترام الدستور ورئيس الحكومة الذي يمسك بأختام السلطة التنفيذية مع اعضاء حكومته !
كان في وسع الرئيس بري ان يسبح في نهر "الروبيكون" على طريقة ماو تسي تونغ لو انه قبل بأن يقصر الجلسة على موضوع التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولكن حشر49 بنداً في جدول اعمال جلسة نيابية تناقض اصلاً مبدأ الفصل بين السلطات، وتُحِلّ النائب محل الوزير، وتضرب عرض الحائط بدور رئيسي الجمهورية والحكومة، بدا منذ اللحظة الأولى وكأنه يزيد الطين بلة، ولا يجد حلاً او مخرجاً لمأزق الاكثرية المتفاقم في تشكيل الحكومة، بينما كان يمكن جلسة تقتصر على التجديد لسلامة ان تؤمنه.
تبقى قصة الحبة التي اضافها ابو مصطفى الى جدول الاعمال المفعم بالتحدي، تحت لازمة لا تقنع احدا وهي التي تقول إن "الضرورات تبيح المحظورات"، فما هي هذه الحبة؟
هل هي حبة مسك زيادة في الكرم، ام انها حبة "وزك" زيادة في نكاية تجمّع 14 آذار الذي يتعرض لحملة تصاعدية من بري، ام لعلها حبة ايمان بحجم حبة الخردل، وقد زينت لرئيس المجلس ان الجلسة التي يقرع طبولها تستطيع ان تقول لجبل الخلافات والانقسامات ان ينتهي فينتهي فوراً، وافرحي وتهللي ايتها القبائل اللبنانية، ام هي مجرد حبة في "رمانة القلوب المليانة" والله اعلم؟!
اياً تكن، فلنا حبة في كل قبة اربعاء بعد اليوم الى ان يوفق الله، سبحانه وتعالى، رئيس المجلس في الحيلولة دون قيام ما سماه "ديكتاتورية مقنّعة"، وربما المقصود هنا ديكتاتورية نجيب ميقاتي الذي لا يشكل الحكومة ولا يترك الجنرال ميشال عون يشكلها ولا يزيح من أمام مقاولي التشكيل !
" ديكتاتورية مقنّعة ". حرام نجيب ميقاتي الضاحك والصابر، وقد اريد له ان يلبس ما يفصّلون، ولكنهم لم يكلفوا انفسهم اخذ مقاساته او وضع "المازورة" عند رغباته واهدافه الوطنية العظيمة، التي جعلته يقبل بأن يكون حصان طروادة داخل تجمع 14 آذار، فكان الانقلاب القسري على الاكثرية بعد إسقاط حكومة سعد الحريري، ثم كان المنقلب الذي يعلق الآن في شروطه التعجيزية، وقد وصل الامر بالجنرال عون الى انه يريد ان يحتفظ بحق تحديد لون عيون الوزراء الذين "يتكرم" بهم على الرئيس ميشال سليمان ومن أي سبط او فخذ يتحدرون، كما انه يريد ان يفرض وزراءه الميامين على ميقاتي ولو بطريقة "الباصرة"!
كان على الرئيس بري ان يهاجم حلفاءه الجالسين وراء الباب ولم يحضروا الجلسة بدلا من مهاجمة 14 آذار، وهو ما يدعو الى الاستغراب، وخصوصاً عند الحديث عن الكتاب الممزق الذي هو "دين المجلس"!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك