يجب أن نشعر بالراحة لأنّ الحرب على الأبواب. يجب أن نشعر بالإحباط إذا تحرّكت الحرب الرابضة على الأبواب، ودخلت البيت اللبناني. هذه الأرض منذ كانت ملجأ أو إمارة أو متصرفية أو دولة، حروبها لم تفارق الأبواب. لفتني دائماً في كتب التاريخ المدرسية، «وعاشت مملكة صيدا أو جبيل أو صور، فترة من الاستقرار والاستقلال، بعد هزيمة الامبراطورية الفارسية أو الأشورية».
نحن نمرّ بفترات استقرار، غيرنا يمرّ بفترات حروب. كتب سعيد عقل: «… مِن خطر نمضي إلى خطر، ما هَمّ نحن خُلقنا بيتنا الخطر». سعيد عقل كان مسروراً بهذه الأخطار.
كنت صغيراً وكنت أتّحسر لأنّني لم أولد في نيوزيلاندا حيث لا يوجد فلسطينيون مسلّحون يحولون دون موافقة أبي على حضوري فيلماً في سينما في وسط البلد.
كانت اسمها «البلد»، اليوم اسمها داون تاون أو سوليدير. وعلى خطى أبي، لن تقصد ابنتي الداون تاون ومضارب العونيين و»حزب الله» تحاصر السرايا الحكومية.
الذي يحصل منذ أشهر، مماثل لما حصل عشيّة حرب العام ١٩٧٥. قطع طرقات، وخطط انتشار أمني، ووزير داخلية يصيبك بالهلع وهو يشكو إليك خوفه على الأمن والاستقرار.
وفي ليلة القبض على الأمن في خطة الشهر الأمني، تُقطع الطريق قبل أن يعود المروان إلى مكتبه. هيئة حوار قريبة من لجان الحوار العام 1975.
الحرب على الأبواب. كانت ولا تزال. والحرب مؤجّلة وستندلع عندما يقرّر طرف ما. اليوم بدأت «الحروب الصغيرة». شاكر البرجاوي، يقفل العاصمة. وسام علاء الدين، يحرقها.
إمام جامع صيداوي يدخل ثالثاً في صراع الثنائي علي ومعاوية. في طرابلس، تتسابق القنوات على الفوز بكلمة من زعيم حي في باب التبّانة أو جبل محسن. الحرب على الأبواب. رئيس حكومة يرسل سيارته ليستقلّها معتقل متّهم بمساعدة معارضين لآل الأسد، أصدقاء رئيس الحكومة نفسه.
أين ترجّل المعتقل راكب سيارة دولة الرئيس؟ عاد إلى حيث أتى، ليقبض حفنة من الدولارات من مكتب وزير في حكومة رئيس الحكومة. ولتزداد اللوحة غرابة وعبثاً ومرارة، يدفع رئيس الحكومة كفالات سجناء اتّهمتهم دولة دولة الرئيس بأنّهم إرهابيّون. في حرب الـ75 كانت هناك دولة ومزّقتها الحرب. في حربنا الآتية، سنحرم هذا الامتياز.
الحرب على الأبواب. بدليل أنّ رئيس الجمهورية يضطر للتدخل شخصياً لفتح طريق المطار. الحرب على الأبواب. فبين هدنة طرابلسية، وهدنة دواليب بيروتية مشتعلة، تجد الأجهزة الأمنية وقتاً متاحاً تُبادل الأوسمة! مع بعض الزعماء لا تعرف هل الحرب على الأبواب، أم أنّها بدأت، أو اشتعلت كأن تنبّأ بأن بشّار الأسد سيحسم القلاقل في ثلثاء ما. اليوم يقول إنّ الحرب قد تصل قريباً من سوريا. وفي الأسبوع المنصرم، كان اكتشف أنّ الحرب على أبواب زحلة المهدّدة في هويتها.
يوسف بك كرم، في فتنة الـ1860، حاول مراراً الوصول إلى زحلة، وفشل. قبل نحو الثلاثين سنة وصل إلى زحلة شبّان شبه حفاة، حرقهم الصقيع وطاردتهم مروحيات نظام الأسد. منهم مَن مات متجمّداً في برد الثلج، ومنهم مَن استشهد وهو يلقي قنبلة في بطن دبابة سورية.
على فكرة، صاحب «بيتنا الخطر» شاعر زحلاوي اسمه سعيد عقل، «لبنن» العالم، وعون يريد أن يعلّمه أبناء مدينته معنى الهوية! هذا العون لم يجد شيئاً جديداً يقوله في مؤتمره الصحفي، فصرّح قائلاً: «أنا آدمي»! آدمي تعني أنّه من صنف البشر، أو أنّه نزيه. أيهما قصد عون؟ الحرب على الأبواب.
لم يعد أحد قادرا على فتح طريق المطار، إلّا التكليف الشرعي. لأنّ «حزب الله» لم يعد يمون، لجأ «حزب الله» إلى الله وشرعه ليردع شبّاناً غاضبين. هذه هي الصورة والحرب على الأبواب. كيف إذا اندلعت؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك