جاء في "الأنباء" الكويتية:
لا حركة تعلو في لبنان راهنا على حركة المغتربين اللبنانيين، لاسيما في عملهم بأغنية فيروز «زوروني كل سنة مرة» وفي حركتهم «بركة لا بل بركات»، في بلد انقطع عنه بشكل شبه كلي السائح الغربي منذ 8 تشرين الأول، تاريخ قرار «حزب الله» مساندة غزة من جبهة الجنوب اللبناني. كما غاب السائح العربي في ضوء دعوة العديد من الدول رعاياها إلى تجنب السفر إلى لبنان تحسبا لحرب واسعة بين إسرائيل وحزب الله.
وما عدا بعض السياح العراقيين والمصريين والأردنيين، المصرين على عدم التخلي عن عادة قصد لبنان في الصيف وفترة الأعياد، من لبنان والى لبنان يعود لبنانيو الاغتراب كل صيف غير مبالين بالتهويل الإسرائيلي شبه اليومي بتدميره، باستثناء قلة قليلة حملها سماع الأخبار من بعيد إلى الإحجام عن المجيء، من قارات ما وراء البحار.
والشيء الأكيد أن الحدث هذا الصيف في لبنان هو في مطار رفيق الحريري الدولي، بدليل أن كاميرات التلفزيونات المحلية والعربية تكاد لا تغادر قاعة الواصلين في المطار لسؤال الوافدين من بلدان الاغتراب عن دوافع المجيء ومشاعر الحنين وصيف لبنان الذي لا يشبه أي صيف في العالم.
وإذا كان أكثر سؤال يطرح على المغتربين على أرض المطار هو «ليش جايين ومش خايفين؟»، فإن الجواب المشترك هو من نوع «هون الأهل والأصحاب والأرض.. اعتدنا الحروب وإذا كل شخص مننا خاف، لمن سنترك البلد؟». ويقول لبناني مضت 30 سنة على غربته في كندا إن «عدم الاستقرار في لبنان جعله يهاجر ويبني مستقبله في الخارج، لكنه لم ينس يوما لبنان وظل يفتخر بجذوره، وهو حريص كل سنة على اصطحاب أولاده إلى لبنان ليتعلقوا به ويحافظوا على لغتهم الأم».
بدورها، تقول مغتربة لبنانية مقيمة مع زوجها وأولادها في فرنسا إن «التضامن مع أهل بلدنا في وقت المحن ضروري، وبدلا من قضاء إجازة الصيف والإنفاق في الخارج، يمكن أن نساهم في إنعاش البلد ودورته الاقتصادية، فضلا عن أن كل شيء في لبنان له نكهة خاصة، فالمناخ غير، والهواء غير، والبحر غير، واللقمة الطيبة غير».
ويقول مغترب آخر يزور لبنان سنويا آتيا من بلاد «العم سام»، إنه «ينشد الراحة والسكينة وتعاطف أهل البلد وألفتهم. فكل الناس تعرف بعضها، وعلى مر الأزمات، لم يفقد اللبناني ابتسامته وحبه للحياة وصموده».
وبسؤال من «الأنباء» لعضو نقابة اصحاب مكاتب السفر والسياحة وصاحب شركة «سترايت لاين» للسفر والسياحة مارون ضاهر، قال: «أرقام الوافدين إلى لبنان مرتفعة جدا، وما سجل من حركة في حزيران الفائت يتساوى مع حركة حزيران من العام 2023، وفي ذلك دليل على إصرار المغتربين اللبنانيين على المجيء إلى لبنان، علما أن أصحاب شركات السفر كانوا متخوفين من عدم بلوغ نسبة 80 في المئة من حركة الصيف الفائت، فإذا بنا نصل نسبة 100 في المئة».
وفق ضاهر، «لولا حرب غزة وجبهة الجنوب، لكانت نسبة الوافدين اليوم مضاعفة عن الصيف الفائت». ولفت إلى أن «المغترب اللبناني الذي يزور لبنان أكثر من مرة في السنة اعتاد هذه الأجواء من التهديدات، لكن ما يحصل أثر على السياح الأجانب الذين فضلوا عدم المجيء، وثمة حضور بوتيرة أقل عن العام الماضي للسائح العراقي والأردني، وهذا ما يظهر من خلال نسبة الإشغال المتدنية في الفنادق وبيوت الضيافة».
ويتفق اللبنانيون المغتربون على أن «لبنان قطعة من قلبهم»، وقد قطعوا وعدا على أنفسهم بعدم الانقطاع عن زيارته لو مهما حدث. ولكن ماذا عن العودة النهائية من الشتات؟ هل هي في البال؟ جواب واحد كأنه منسق بين الجميع، ولبه أنهم غادروا على أمل العودة، لكن الواقع الذي حدا بهم إلى المغادرة لم يتغير فيه شيء، ومع ذلك لن يتخلوا عن دغدغة المشاعر بحلم العودة إلى «وطن الأرز»، «وطن فيروز».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك