كتب داني حداد في موقع mtv:
لا تخلّف الحروب دماراً فقط. هي تبني جسوراً في بعض الأحيان. وفي لبنان، تركت الحرب في غزة، وقد بلغت شظاياها مناطق في الجنوب، أثرها على المواقف السياسيّة، فهدأت الجبهات الداخليّة واستكانت المساعي الرئاسيّة، وبرز موقفٌ شبه موحّد يندّد بالاعتداءات الإسرائيليّة وإن كان يرفقها البعض بتحذيرٍ من زجّ البلد في حرب الآخرين.
من أبرز المواقف التي ظهّرتها الحرب صوت وليد جنبلاط، في أكثر من مقابلة وتغريدة. إن سلّم الرجل رئاسة الحزب، فهو يعرف كيف يعود الى الصفّ الأمامي في زمن الأزمات الكبيرة. استعاد جنبلاط خطاب الماضي، فبدا، من جديد، زعيماً على رأس الحركة الوطنيّة يهاجم إسرائيل، العدو الأوّل، ولا يوفّر داعمها الأميركي، ويؤكّد أنّ القضيّة العربيّة الأمّ هي فلسطين. مهما تنقّل في التحالفات الداخليّة، تبقى البوصلة نحو فلسطين.
خلّفت مواقف جنبلاط الأخيرة ارتياحاً لدى خصم السياسة الداخليّة، حزب الله، رأس الحربة في مساندة غزة من حدود لبنان الجنوبيّة. أراد الحزب أن يقول لزعيم المختارة إنّه تلقّف هذه المواقف بإيجابيّة، فكلّف أمينه العام السيّد حسن نصرالله معاونه السياسي الحاج حسين خليل الاتصال بالوزير السابق غازي العريضي، ناقلاً رسالة إيجابيّة من السيّد الى البيك.
تقول المعلومات إنّ الاتصال الذي حصل أمس كان وديّاً، وأبلغ فيه خليل رسالةً من نصرالله مفادها أنّ الحزب يقدّر مواقف جنبلاط الأخيرة، وهي يُبنى عليها لعودة بعض المياه الى مجاريها، بعد انقطاع، بين حارة حريك والمختارة.
يدرك حزب الله أنّه يحتاج اليوم الى وحدة موقفٍ داخليّ، قدر الإمكان، تتيح له المضيّ في مواجهته العدو الإسرائيلي، بالقدْر الذي اختاره للمشاركة في المعركة. هو لا يتفرّج، كما لا يخوض مواجهةً مفتوحة. لكنّ الاحتمالات الأخرى متاحة، وفق مسار الحرب في داخل فلسطين، والمساعي الدبلوماسيّة التي تُبذل بالتزامن، والتي سترتفع وتيرتها بدءاً من الأسبوع المقبل، ومن أهداف بعضها تحييد لبنان عسكريّاً.
من حسنات الحرب، والخشية من انعكاساتها السلبيّة على لبنان الذي يصارع الموت الاقتصادي والمالي منذ سنوات، أنّها قرّبت بين بعض المتخاصمين. حين ترتفع أصوات المدافع، تنخفض أصوات السياسيّين المتشنّجة. لعلّ ذلك يساهم، حين تنتهي الحرب يوماً ما، في إعادة وصل ما انقطع بين بعض الفرقاء.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك