على الرغم من الهدوء النسبي الذي أعقب اتفاقي وقف النار في كلّ من لبنان وغزّة، فإن الجو الدولي والإقليمي ما زال يشي بتطورات ومفاجآت، على خلفية استكمال ما بدأ من تقليم لمخالب محور الممانعة، إذ لا يمكن التسليم في رأي أوساط دبلوماسية عليمة بمنطق التهدئة والهدنة بدلاً من منطق الحلّ المستدام، وتالياً فما بدأ سيتبلور في مرحلة قريبة بمزيد من الخطوات، التي تندرج في إطار إغلاق حسابات الحروب والصراعات الميدانية لمصلحة تطبيع الوضع في الشرق الأدنى، بما يعني ذلك من تغيير فعلي في المعادلات على قاعدة منع أي دولة من التحول إلى جبّار إقليمي من جهة، وفي المقابل إرساء توازن بعد طول خلل لمصلحة محور الممانعة.
تشرح الأوساط أن إيران ستبقى دولة قوية ولها حضورها وموقعها، ولكن ليس بالضرورة كجمهورية إسلامية تراهن على مشروع تصدير الثورة وعلى التمدد في الإقليم، بل كدولة تلتزم أيّاً كان نظامها، أصول العلاقات الدولية ولا تستغلّ الدين في خدمة الهيمنة، لأن هذا الرهان لم يعد عملة رائجة، وهذا ما فهمه باكراً وسيفهمه أكثر أولياء السلطة الجديدة في سوريا.
تلتقي الأوساط الدبلوماسية الأوروبية والعربية على الإشارة إلى أن الضربة العسكرية لإيران باتت شبه حتمية وقد اتخذ القرار فيها أخيراً، وستكون على الأرجح قبل نهاية آذار المقبل، وقد تواكبها تطورات داخلية، إلا إذا أبدت طهران استعداداً جديّاً وفعليّاً ملموساً لتقديم تنازلات على صعد عدة سواء في ما خص برنامجها النووي أو أجندتها التوسعية وخريطة نفوذها في المنطقة، وهو احتمال طوعي وارد بنسبة محدودة تحت وطأة الضغوط، لأن البديل هو التخلّي قسراً عن تلك الرهانات. وترى الأوساط أن الضربات التي تلقتها إيران في لبنان وغزة وسوريا غير كافية، طالما أن رأس الحربة ما زال يراهن على تعويم أذرعه.
يبدو أن "حزب الله" يدرك جيّداً دقائق اللعبة، ويسعى إلى الحفاظ ما أمكن على مواقعه ونفوذه في صلب الدولة اللبنانية، على رغم بعض التباينات في صفوف قيادته بين متماهين كليّاً مع إيران وبين من يسعى إلى نوع من التمايز، إذ من الواضح أن الجانبين يلتقيان على هذه المسألة. من هنا يُفهم استشراس "الحزب" من خلال تركيبة الثنائي، على التمسك بحقيبة المال وحقائب أخرى معينة، وعلى استنفار الموالين له في الإدارات الرسمية والمؤسسات على قضم ما أمكن من مواقع، أو على فرض أمر واقع، تحسّباً للتحوّلات المتوقعة، باعتبار أن ما يمكن أن يحصِّله "الحزب" اليوم قد لا يمكنه تحصيله بعد حين.
يقول عارفون في المعادلة الشيعية إنّ الرئيس نبيه بري يحاول التملّص من الحالة الضاغطة بخلفية دولية على "حزب الله" حكوميّاً، والحالة الضاغطة الموازية التي يمثلها "الحزب"، علماً أن ثمّة تململاً متنامياً وأكثر تجلياً في المناخ المحيط بحركة "أمل" لجهة الانزعاج من رهانات "حزب الله" وما استتبعته من خسائر ونكبات، وتالياً "لم يعد في الإمكان تحمّل المزيد".
من هنا يمكن فهم تمايز "الحركة" في الموقف حيال عراضات الدراجات النارية الأخيرة، على أن هذه العراضات شكّلت "نقزة" كبيرة محليّاً وخارجيّاً، وقد تجلّى ذلك في تقارير دبلوماسية لعدد من السفارات المهمة لعواصمها تلفت إلى محاذيرها وانعكاسها على انطلاقة العهد الجديد وما تعنيه من خطر صدامات داخلية.
والخطوة التي أقدم عليها رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور تندرج في هذا السياق، حيث عكست صدمته مما حصل نوعاً من الخيبة السريعة، علماً أن معلومات أفادت بأنه تلقّى اتصالاً من القصر الجمهوري للإطلاع على حيثيات خطوته والتأكيد أن ما حصل لن يؤثّر على اندفاعة العهد نحو استعادة هيبة الدولة وتوفير أسباب الاستقرار، ولذلك لا يوفّر الرئيس عون فرصة لتثبيت خيار الدولة عملياً من دون كثير ضجة، معطّلاً ألغاماً عدة على أكثر من صعيد.
يبقى أنه مع تأليف الحكومة العتيدة فإن استحقاقات مهمة تنتظرها، إذا ما كانت التشكيلة على قدر الآمال وتلبّي التطلعات الدولية والعربية إلى إرساء مرحلة مختلفة عما سبق تحت عنواني استعادة السيادة وإطلاق عملية الإصلاح. وفي هذا المجال، تمّ العمل الدؤوب ويتمّ حاليّاً على استكمال مشاريع اتفاقات تعاون مع عدد من الدول العربية والصديقة، ومن بينها اتفاقات مهمّة مع المملكة العربية السعودية، ويبلغ عددها اثنين وعشرين اتفاقاً وينكبّ عليها موظفون في وزارة الخارجية والوزارات والإدارات المعنية، وهي مشاريع اتفاقات لا يمكن أن تبصر معظمها النور إذا لم تكن الحكومة الجديدة أهلاً للثقة.
"نقزة" خارجيّة... ولهذا يستشرس "الثنائي" حكوميًّا
الــــــســــــابــــــق
- مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية وعضو الحزب الجمهوري توم حرب لـmtv: إعادة الإعمار ستتم من خلال الدول العربية وأميركا ولا أموال ستأتي إلى لبنان إذا كان سلاح "حزب الله" لا يزال معه
- ترامب: سنتّخذ قراراً بشأن القوات الأميركية في سوريا التي تعيش في فوضى
- بالفيديو: سرقات يومية... ماذا يحصل في الأشرفية؟
- المرصد السوري: التحالف الدولي يستقدم تعزيزات عسكرية لقواعده شمال شرقي سوريا
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك