كتب فرزاد قاسمي في "الجريدة" الكويتية:
أكد مصدر رفيع المستوى في قيادة الأركان الإيرانية أن المرشد علي خامنئي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، أصدر قراراً يسمح بموجبه للقوات الإيرانية بالتحرك لتوجيه ضربة استباقية لإسرائيل فيما لو حصل الإيرانيون على معلومات بشأن تجمع القوات الإسرائيلية لبدء أي هجوم على الجمهورية الإسلامية، التي تترقب منذ مطلع تشرين الأول شن الدولة العبرية ضربة انتقامية رداً على القصف البالستي الذي تعرضت له.
وقال المصدر، لـ«الجريدة» الكويتية، إن بعض المعلومات الأمنية تشير إلى أن الإسرائيليين أخرجوا بعض أسلحتهم النووية من مخازنها، وقاموا بنقلها وتوزيعها في أماكن أخرى، بهدف حمايتها أو استخدامها ضد إيران، مضيفاً أن قيادة الأركان الإيرانية رفعت تقريراً مستعجلاً للمرشد الإيراني يوصي بضرورة استهداف تلك الأسلحة قبل أن تستخدمها إسرائيل ضد طهران، وهو ما رد عليه خامنئي بإصدار أمر بتحضير خطة هجوم استباقي سريعة تمكن إيران أو الفصائل المتحالفة معها من استهداف وتدمير الأسلحة المحرمة دولياً.
ووفق المصدر، فإن الإسرائيليين أقاموا منشأة نووية جديدة في جنوب غرب مدينة تل أبيب، أخذت موقع الصدارة من منشأة «ديمونا»، الواقعة بصحراء النقب، التي تحتفظ بها الدولة العبرية حالياً بهدف التمويه وإبعاد الأنظار عن منشآتها الذرية الأساسية، لافتا إلى إعداد طهران خطة لاستهداف منشأة تل أبيب في حال استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، أو تعرضت البلاد لضربة ذرية.
وأفاد بأن الإيرانيين يعتبرون التقرير الذي تم تداوله منذ يومين عن تسريب وثائق أميركية تتناول خطة إسرائيل لاستهداف طهران عملاً متعمداً، يهدف إلى صرف انتباه القوات الإيرانية عن الخطة الإسرائيلية الأصلية للهجوم المرتقب، ولهذا فإن الإيرانيين بعد أن حصلوا على تلك المعلومات عبر قنواتهم الاستخباراتية الخاصة بالدولة العبرية والولايات المتحدة، قاموا بنشرها كي يحرقوها. ولفت إلى أن طهران لديها معلومات مؤكدة بأن إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن تضغط على الإسرائيليين من أجل تأجيل الانتقام إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، نظراً لأن أي عملية ضد إيران يستتبعها قيامها بالرد عليها يمكن أن تؤثر على الأوضاع الاقتصادية ومزاج الناخب.
في المقابل، تؤكد المعلومات الأمنية الإيرانية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد تنفيذ ضربته الانتقامية قبل الانتخابات الأميركية، على أمل أن تساعد تداعياتها المرشح الجمهوري دونالد ترامب في العودة إلى البيت الأبيض على حساب المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، نائبة بايدن. وأشار إلى أن الإيرانيين اعتقلوا عدداً من عملاء إسرائيل أخيراً، وانتزعوا منهم اعترافات بتلقي أوامر تتضمن جمع معلومات عن تحركات ومقرات مسؤولين، في مقدمتهم المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية وقادة «الحرس الثوري» وبعض الوزراء وأماكن الدفاعات، بهدف استهدافهم داخل الجمهورية الإسلامية، موضحاً أن القادة العسكريين والأمنيين الإيرانيين يجمعون على أن الإسرائيليين يريدون تنفيذ عملية مركبة، حيث يقومون مثلاً بعمل عسكري يلفت الأنظار، وبالتوازي مع ذلك يقومون بعدد من عمليات الاغتيال الثقيلة. وبحسب المصدر، فإن الإسرائيليين كانوا قد طلبوا من عملائهم جمع معلومات عن تحركات السفراء الغربيين داخل طهران، في خطوة وضعتها الأجهزة الأمنية باحتمال لجوء تل أبيب إلى ضربة تحت الحزام، تقوم بمقتضاها باغتيال شخصيات دبلوماسية لافتعال أزمة بين إيران والدول الأوروبية.
وادعى أن تشغيل منظومة «ثاد» الصاروخية الأميركية، التي عززت بها واشنطن دفاعات الدولة العبرية، أمس الأول، لن يؤثر على أي خطة رد إيرانية، حيث أعدت طهران طرقاً لتخطي تلك الدفاعات، وجهزوا ما يزيد على الألفين وخمسمئة صاروخ بالستي وفرط صوتي لإطلاقها دفعة واحدة، ضد الأهداف الحساسة، عقب دفعة أولى من الصواريخ التمويهية التي يمكنها إشغال أنظمة الرادار، وجعل أي منظومة دفاعية غير قادرة على التعامل مع هذا الكم الهائل من المقذوفات. وجاء ذلك في وقت نقلت قناة «سكاي نيوز عربية» عن مصادر أن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تشتبه في أن موظفة كبيرة مسؤولة تشغل منصب مساعدة للعمليات الخاصة بمكتب الوزير لويد أوستن تقف وراء تسريب وثيقتين مهمتين جداً، بشأن تحضيرات إسرائيل لضربتها، إلى جهات إيرانية.
إلى ذلك، جدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تأكيد بلده أنها سترد بشكل متناسب على أي هجوم إسرائيلي، قائلاً إن الحرب في المنطقة «لن تنتهي بأعمال القتل، بل بإحلال العدالة ونيل الشعوب حقوقها». وفي محاولة لتهدئة مخاوف الجبهة الداخلية من الانزلاق لحرب واسعة قد تجر الولايات المتحدة، صرح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي بأنه من غير المرجح أن تقوم إسرائيل بتحرك كبير وقد تنفذ هجوماً محدوداً وصغيراً.
هذا واتهمت إيران، على لسان مندوبها في الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، الرئيس الأميركي بالتناقض بشأن مزاعم الولايات المتحدة المتكررة بدعم تخفيف التوتر في الشرق الأوسط، من خلال منح موافقة ضمنية ودعم قيام إسرائيل بشن هجوم على إيران. وقال إيرواني، إن تصريح بايدن بأنه يعرف متى وكيف قد ترد إسرائيل على القصف الصاروخي الإيراني، الذي تم بنحو 200 صاروخي بالستي، كان «مثيراً للقلق واستفزازياً بشكل عميق»، فيما كان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يختتم زيارة لافتة للبحرين التي تستضيف مقر القيادة الأميركية الوسطى «سنتكوم» لبحث التوترات الإقليمية وتداعياتها المحتملة على المنطقة، حيث استقبله الملك حمد بن عيسى.
على الجهة المقابلة، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي سلسلة اجتماعات مع كبار مساعديه الأمنيين، لمناقشة سبل الهجوم المنتظر على إيران، عقب اختراق طائرة مسيرة تابعة لـ«حزب الله» اللبنانية الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وانفجارها بجوار منزله قرب حيفا. ورغم أن رئيس الوزراء وزوجته سارة لم يكونا في المنزل، ولم يصب أحد بأذى، اعتبر نتنياهو ووزراؤه أن الهجوم «مبرر آخر للرد» الذي يتم التخطيط له منذ 3 أسابيع.
وذكرت «القناة 14» أن الخطة الإسرائيلية للرد على الهجوم الإيراني الصاروخي صارت جاهزة، وقد تتضمن مهاجمة منازل مسؤولين إيرانيين، رداً على «محاولة اغتيال» نتنياهو، مبينة أن الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات الخارجية قدما لرئيس الوزراء ووزير دفاعه يوآف غالانت، خطة الرد. وأضافت أن الخطة التي لا يعرف تفاصيلها إلا عدد قليل من المسؤولين، تتضمن خيارات واسعة لمهاجمتها، بما في ذلك المنشآت النفطية، وأهداف عسكرية وحكومية، إضافة إلى منازل المسؤولين الإيرانيين، كـ«أهداف اختيارية». وبينت أن طياري سلاح الجو الذين سيشاركون في الهجوم على إيران سيعرفون التفاصيل والأهداف قبل وقت قصير من تنفيذ العملية التي يخشى من إشعالها لفتيل حرب إقليمية واسعة، مضيفة أن الهجوم «الفتاك والقوي» قد يشمل مشاركة طائرات مقاتلة وطائرات تزود بالوقود، إضافة إلى احتمالية استخدام صواريخ بعيدة المدى.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك