كتب معروف الداعوق في "اللواء":
لم تكن صدفة أن تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي، عددًا من نقاط المراقبة الثابتة، لقوات الامم المتحدة "اليونيفيل"، العاملة على الحدود اللبنانية الجنوبية، بموجب القرار الدولي رقم١٧٠١، في هذا الظرف بالذات، بل سبقها اطلاق سلسلة مواقف من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين، ضدّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لوقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني، واستنكاره وإدانته للارتكابات الفظيعة للجيش الإسرائيلي ضدّ المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزّة، وتأكيده على حقوق الفلسطينيين المشروعة باقامة دولتهم المستقلة، وما تبعها من حملة إسرائيلية مركزة ضدّه، ومنعه من زيارة إسرائيل، وصولًا إلى اتهامه بمعاداة السامية، وهي العبارة التي تعبر عن ذروة العداء التي تستهدف فيها الدولة العبرية خصومها أيًّا كانوا.
ولم يخفِ نتنياهو، كما العديد من المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين نواياهم، قبل اطلاق الجنود الإسرائيليين النار مرارًا على عناصر قوات الامم المتحدة، عندما أعلنوا بداية الهجوم "المحدود" داخل الاراضي اللبنانية، لتدمير قواعد "حزب الله"، وإقامة منطقة عازلة، لإزالة المخاطر التي يتسسب بها ضدّ المستوطنين الاسرائيليين ويمنعهم من العودة إلى المستوطنات، وحددوا بداية نهر الليطاني شمالًا، لانسحاب مسلحي الحزب، ثم نهر الأولي بعد ذلك، وتجاهلوا ذكر القرار الدولي رقم١٧٠١. بينما ذهب مندوب إسرائيل بالامم المتحدة داني دانون إلى القول بأنّ المطلوب سحب قوات الامم المتحدة إلى مسافة سبعة كيلومتر شمالًا، فيما تذرع نتنياهو بأنّ سبب دعوته لانسحاب عناصر القوات الدولية من مواقعها نهائيا، عدم تعريض حياتهم للخطر، جراء اطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، وتارة أخرى لعدم جعلهم رهائن لدى الحزب، فيما الهدف من الدعوة لسحب هذه القوات، أصبح مكشوفًا، وهو التفلت من مراقبة القوات الدولية، لتحركات الجيش الاسرائيلي، والاعتداءات التي يقوم بها ضدّ الأراضي اللبنانية والانتهاكات الصارخة ضدّ المواطنين اللبنانيين على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، والاهم الاطاحة بالقرار الدولي رقم١٧٠١، الذي ينص على وجود القوات الدولية ويحدد مهامها، ومحاولة فرض واقع جديد بالقوة العسكرية، يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات على الارض، بمايلبي مطامح إسرائيل، وباختصار محاولة لاستصدار قرار جديد بهذ الخصوص.
وتسبب الرفض القاطع من الامين العام للامم المتحدة، لسحب قوات الامم المتحدة من نقاط تمركزها جنوبًا، والمدعوم من الدول المشاركة بهذه القوات، والدول المؤثرة كالولايات المتحدة الأميركية، بإضعاف الدعوة الإسرائيلية لسحب القوات الدولية، ولكنه يطوها نهائيًا، لأنّ إسرائيل تضرب عرض الحائط بالشرعية الدولية وترفض تنفيذ قرارتها باستمرار، ليس بما يخص لبنان فقط، بل في فلسطين.
وهذه المرة يستفيد نتنياهو من عدة عوامل مهمة، للاطاحة بالقرار ١٧٠١، الاول فترة انشغال الولايات المتحدة الأميركية، بالانتخابات الرئاسية، والثاني اقتناع البعض بالإدارة الأميركية بوضع تعديلات على القرار المذكور تتناسب مع المتغيرات الميدانية، والثالث نجاح الجيش الاسرائيلي بتنفيذ سلسلة عمليات اغتيال ضدّ قيادات "حزب الله" و"حماس"، ما يعطيه حافزًا قويًا، للاندفاع قدمًا إلى الأمام، لتجاهل القرار، والمطالبة بقرار دولي مفصل على قياس ومصالح إسرائيل، ويخشى معه ان يكون لبنان المتشبث بتنفيذ القرار الدولي رقم١٧٠١، بتلكؤه والضغوط الايرانية التي تعرض لها، قد أهدر فرصة ثمينة لتنفيذ القرار المذكور هذه المرة أيضًا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك