كتبت زينب حمود في "الأخبار":
من باب «تحويل التهديد إلى فرصة»، بدأت بلديات القرى الجنوبية الحدودية تناقش «اليوم التالي» للحرب، لناحية آلية إعادة الإعمار، في محاولة لتفادي مخالفات البناء وإزالة التعديات على الأملاك العامة. وخلافاً لما تراه محافظ النبطية هويدا الترك بأنّ «الوقت مبكر للحديث في هذا الموضوع ما دامت الحرب مستمرة في الجنوب، ولا أحد يعلم متى تنتهي»، عقد مسؤول ملف العمل البلدي في حزب الله محمد بشير، الثلاثاء الماضي، أول اجتماع مع المعنيين بالعمل البلدي في الجنوب «لمناقشة مبدئية لخطط إعادة الإعمار، بما يراعي توسعة الطرقات بالدرجة الأولى، خصوصاً الداخلية منها حيث بالكاد تتمكّن السيارات من المرور أحياناً بسبب تلاصق المنازل». وأوضح بشير «أنّنا سندرس جوانب عدة تتعلق بالتنظيم المدني»، مشدّداً على أن «أحداً لا يمكنه أن يفرض شيئاً على من خسر منزله خلال الحرب، بل نسعى إلى حلّ الأمور بالتراضي وبعد أخذ موافقة صاحب الملك».
حتى الآن، لا شيء محسومٌ في مسألة الالتزام بمعايير البناء والتنظيم المدني التي تُناقش «على نار هادئة» نظراً إلى حساسيتها. لكن المؤكد، بحسب بشير، أنه «لن يكون هناك مخطط يُعمّم على جميع البلديات أو يُطبق على جميع الحالات في البلدة الواحدة لأن لكل حالة حيثياتها. من بين الأفكار المطروحة على طاولة النقاش «التعديات على الأملاك العامة، وإمكانية الحدّ منها عن طريق الإقناع بالحجج الشرعية أو بما تقتضيه المصلحة العامة». أما في حالات المخالفات ضمن إطار الملكية الخاصة، مثل عدم احترام التراجعات، فـ«لا بد من إيجاد صيغة معينة وتقديم حلول بديلة مثل استملاك البلدية جزءاً من هذه الأراضي لتأمين التراجعات». أما في ما يتعلق بالنزاعات التي قد تقع بين أصحاب المنازل المتلاصقة فـ «يمكن عقد جلسات مع الأهالي للتشاور في كيفية تأمين المسافات بين المنازل أو منح رخص بناء عمودي نتوقع أن يتجاوب معها الأهالي لأنها تؤمّن استقلالية في السكن للعائلات التي تعيش في منزل واحد خصوصاً بعدما يتزوج الأبناء وتتشعّب العائلات».
يعيد بشير إلى تجربة حرب تموز 2006، عندما استفادت البلديات في أكثر من قرية من فرصة إعادة الإعمار خصوصاً على صعيد توسعة الطرقات. لذلك، «نعقد اجتماعات دورية لتكرار التجربة مع مزيد من التحسينات في مجال التنظيم المدني، والتي لم يتسنّ لنا تنفيذها بعد حرب تموز نظراً إلى المرسوم الذي أصدره رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة بإعادة إعمار كلّ شيء كما كان عليه»، يقول رئيس بلدية الطيبة عباس ذياب، لافتاً إلى أن الطيبة «تملك مخططاً توجيهياً يصنّف الأراضي بين زراعية وصناعية وسكنية، لكنه مخطّط على الورق، ويصعب تطبيقه، إذ إن أراضي البلدة غير ممسوحة بعد ويصعب تنفيذ المخطط قبل أن تخضع للفرز والمسح».
من جهته، يرى رئيس بلدية كفركلا حسن شيت في إعادة الإعمار فرصة للتنظيم بما يتلاءم مع الاكتظاظ السكاني في البلدة التي «تحوّلت إلى مدينة صغيرة تبلغ مساحتها 4 ملايين و700 ألف متر مربع، ويقيم فيها بشكل دائم بين 50 في المئة و60 في المئة من سكانها الـ 6000». فيما يشير رئيس بلدية الخيام عدنان عليان إلى أن للمدينة مخططاً توجيهياً منذ السبعينيات، جرى تعديله عام 2016، و«يصنّفها بين مناطق سكنية، سكنية وتجارية، مؤسسات سياحية، فيلات، ومنطقة زراعية، وتتفاوت المساحة المسموح بها للفرز بحسب تصنيف كل منطقة». لكن هذا «ينطبق على كل ما هو جديد ولا يشمل ما هو موجود قبل صدور مرسوم المخطط التوجيهي، لأنه لا يمكن إلغاء أي رخصة معطاة». وهذا يعني أنه «لا يمكن القول لمن بنى منزله في منطقة صُنّفت لاحقاً بأنها زراعية إنه ممنوع إعادة بناء المنزل في هذه المنطقة لأنه حائز على سند ملكية ورخصة تبقى سارية المفعول». أما المخالفات مثل عدم الالتزام بالتراجعات فـ«تحتاج إلى قرار دولة لأن هناك عدة تشعّبات بخصوصها. لكن، في المبدأ، لا يمكن السماح بإعادة بناء المخالفات التي تستبيح الأملاك العامة».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك