استثنائية كانت زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى السعودية. فهي فتحت باب رفع الحظر السياسي عن لبنان، شكلاً ومضموناً.
في الشكل، تعمّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إحاطة الزيارة بأهمية كبرى، فهو لم يستقبل عون فقط في الباحة الخارجية لقصر اليمامة بالأحضان إنما أيضاً تقصّد حضور 12 شخصية سعودية، بين وزراء ومسؤولين، الاجتماع الموسع الذي دام نحو نصف ساعة من الوقت بين الوفد اللبناني والوفد السعودي، وتقصد بن سلمان أيضاً عقد خلوة ثنائية بينه وبين عون، دامت نحو 45 دقيقة، وهو وقت طويل نسبةً لمدة الاجتماعات السعودية، وتقصد إقامة مأدبة عشاء تكريمي لعون في الديوان الملكي، كما تقصد مرافقة الرئيس عون إلى الباحة الخارجية ومعانقته مودعاً علماً أن طريقة تعاطي بن سلمان مع عون لفتت ليس فقط الجانب اللبناني بل المحيطين بالأمير الذين عبروا أمام أعضاء الوفد اللبناني عن مدى اهتمام بن سلمان بضيفه وهو "اهتمامٌ نادراً ما يظهره ولي العهد بهذا الشكل العلني" بحسب قولهم.
أما في المضمون، فعلمت "نداء الوطن" أن بن سلمان قال لعون: "نعوّل عليكم وعلى عهدكم وننتظر منكم إصلاحات وتطبيق القرارات الدولية" وفهم من كلام بن سلمان هذا أنه يربط أيّ مساعدة مادية سعودية، أولاً ببسط الدولة سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية ولا يكون هناك سلاح سوى سلاح الدولة وثانياً بالإصلاح الإداري على كل المستويات وأنه يعول على دور الرئيس عون ورئيس الحكومة والحكومة بتحقيق هذه المآرب.
أما الرئيس عون، الذي فهم جيداً مقصد بن سلمان، فأجابه قائلاً: "نشكر لكم اهتمامكم بلبنان ونعي جيداً أن تطبيق القرارات الدولية والإصلاح هما المدخلان الأساسيان لبناء الدولة في لبنان، ونحن بدأنا هذه المسيرة وسنكملها لكنها تحتاج إلى بعض الوقت"، مستطرداً "أن الجيش اللبناني يقوم بعمله على أكمل وجه في جنوب لبنان، وهو من سيتسلم زمام الأمور هناك".
وعلمت "نداء الوطن" أيضاً أن وزير الخارجية يوسف رجّي تحدث في اللقاء الموسع مع بن سلمان عن ضرورة إعادة فتح طريق التصدير من لبنان إلى المملكة، وبدا بن سلمان منفتحاً على هذا الطرح، تماماً كانفتاحه على طرح رفع حظر سفر السعوديين إلى لبنان، بحيث قال للوفد اللبناني: "رفع الحظر عن عودة السعوديين إلى لبنان كما استئناف التصدير من لبنان إلى المملكة، يحتاجان مساراً وآلية وإجراءات معينة، وسنعمل على هذا الموضوع" وكأن بن سلمان، كان، بين السطور، يربط كل قرار إيجابي تتخذه السعودية في ما خص لبنان، بالإصلاحات ومدى قدرة العهد والحكومة الجديدة على إثبات نيتهما تطبيق الإصلاحات المطلوبة وعلى استئناف مسار إصلاحي مطلوب يعيد ثقة المملكة بلبنان!
إذاً، في الشكل أثبت بن سلمان دعمه لبنان عبر عناق ومصافحة الرئيس عون الذي لم يسبق له أن التقاه وجهاً لوجه، أما في المضمون فعلى الدولة اللبنانية، بكامل أركانها، أن تثبت أنها على قدر هذه الثقة وأنها أهلٌ لها، وإن حصل ذلك، فهذا يعني أن أبواب العالم العربي ستفتح للبنان من بوابة الرياض.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك