دخل تيار المستقبل بعد الرابع عشر من شباط مرحلة جديدة تنتظر ترجمتها سياسياً، وتبدّد هواجس القواعد الشعبية في مختلف المناطق، على أمل أن تكون العودة عملية لا شكلية، تواكب المرحلة التي دخلها لبنان، وأن تشكّل تجارب الماضي دروساً تعلّم منها "المستقبل" عدم تقديم التنازلات على حساب الطائفة والمشروع السياسي الذي كان "المستقبل" في صلبه منذ شباط 2005.
بين تهنئة الرئيس سعد الحريري الرئيس السوري أحمد الشرع، وتفاؤله في تحقيقه أهداف الشعب السوري التي ناضل من أجلها لسنوات، معتبراً توليه الرئاسة دليلاً على تحرّر سوريا من الطغيان، وبين تخوّف الأمين العام لـ "التيار" أحمد الحريري من القيادة السورية الجديدة واعتباره أنّ أداءها المستقبلي غير مضمون، ضاعت كوادر "التيار" وقاعدته الشعبية بسبب هذا التناقض في المواقف، واستغربت عدم وجود رؤية موحّدة ضمن "التيار"، حول مستقبل لبنان وعلاقته مع سوريا في هذه المرحلة الانتقالية.
عكست العودة الضبابية التي حملت مشروعاً عاماً للرئيس الحريري، عناوينه الأساسية سياسة الاعتدال وبناء الدولة، وتعزيز العلاقات العربية والدولية، عدم الوضوح في التفاصيل الدقيقة والتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، وتوجّساً لدى جمهور "المستقبل"، ومن حضروا اجتماع المنسقيات والدوائر في "التيار" مع الرئيس الحريري والأمين العام، كون الكلام الذي قيل بقي ضمن إطار العموميات، من دون الخوض في تفاصيل خارطة الطريق التي على "التيار" سلوكها في المرحلة المقبلة.
تقول مصادر متابعة لـ "نداء الوطن" إن الخوف الذي ينتاب جمهور "المستقبل" يكمن في أن تكون العودة مجرد تقديم مزيد من التنازلات، والقلق من وجود تباين في التصوّرات ضمن التيار نفسه، ما يضفي مزيداً من الضبابية على مستقبل "التيار" في المرحلة المقبلة.
فالاجتماع الذي تلى إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، كانت تعوّل عليه قيادات "المستقبل" في أن يحمل مشروعاً واضحاً، وألا يترك كل شيء للتوقيت الحلو، والاستمرار في حالة الغموض من دون إجابات شافية وواضحة للمرحلة المقبلة، وغياب أي استراتيجية تستشرف المستقبل، كذلك من دون وضع الإطار الذي سيسير عليه لخوض غمار الاستحقاقات المقبلة.
تضيف المصادر، "المحبة التي يكنها سُنة لبنان للرئيس سعد الحريري، لا تمنعهم من انتقاد "التيار" على مدى سنوات، حيث كانوا ينتظرون أن يحمل في خطابه مشروعاً لاستعادة هيبة الطائفة بعد سنوات من التهميش والتنازلات، ومواجهة التحديات في ظل الانقسام والتشظي، والمجاهرة في المواقف التي انتظرها جمهوره، الذي يعوّل عليه إذا ما أراد بلورة مشروع واضح يتماشى ومرحلة التحوّلات الداخلية والخارجية، لا اتباع مسار يزيد من ضبابية المشهد.
وفيما تتوقف المصادر عند الخطة التي وضعها "التيار" لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لا سيّما البلدية والاختيارية بعد أقل من ثلاثة أشهر، حيث لا نية لخوضها في البلدات والقرى ذات الغالبية السنية أو المختلطة التي له فيها حضور كبير، بل كان الشعار الذي أطلقه الرئيس هو لشد العصب الداخلي "للتيار" والحضور، تسأل تلك المصادر عن الانتخابات النيابية المقبلة وعن التحالفات والترشيحات التي سيسير فيها "التيار"، إن كان لجهة التحالفات حيث تدور أحاديث عن إمكانية تحالف "المستقبل" مع "حزب اللّه" لا سيّما في بعلبك - الهرمل لاعتبارات تذكر لاحقاً، وإن كان الأمين العام لـ "التيار" على علم بعودة "التيار" إلى خوضها، حيث طلب من بعض الشخصيات الجهوزية لتكون على لائحة "التيار"، وشخصيات أخرى تقدمت باستقالتها لا سيّما من المجالس البلدية عملاً بقانون الترشح.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك