بمعزل عن عدد المشاركين بالتشييع ومن أيّ بلدان أتوا، وحسن التنظيم، وضبط أمن المربُّع بين مدينة رياضيّة وطريق مطار يُثير جدل، وعدد وسائل الإعلام والتواصل والمراسلين الذين يغطّون الحدث، فإنّ يوم الأحد في الثالث والعشرين من شباط سيكون مختلفاً عن الاثنين ٢٤ شباط ٢٠٢٥ لناحية نهار وبداية أسبوع عمل جديد يعاني المواطنون فيه من ازدحام السير وهم متوجّهون الى أشغالهم. هذا في الشكل.
في المضمون، سيأخذ حدث التشييع مداه في أحاديث الناس، والتعليقات الصحافيّة، والتحليلات السياسيّة، والتقارير الأمنيّة والاستخباراتيّة المحلّية والخارجيّة، والحملات المؤيّدة والمضادّة في وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي. يبقى هذا الوضع أيّاماً معدودة، إلى أن تُطوى صفحته.
ثم يعود الرأي العام لتذكّر استفسار النائب السابق وليد جنبلاط الذي لا يملك أحد إجابة عليه: إلى أين؟
الجواب الضائع مردّه إلى طبيعة المرحلة وسخونتها واستمرار فتح جبهة الجنوب على مصراعَيها ومفاجآتها، وعدم انسحاب قوات الاحتلال بالكامل واغتصابها الأرض، وجهل تنفيذ آلية "الريفييرا" في غزة والضفّة الغربيّة بعدما حسم منطق ترامب-نتنياهو وقاموسهما ملكيّة الأرض الفلسطينيّة لهما.
النقاط أو التلال الخمس استراتيجيّة في القراءة الإسرائيلية كونها تشرف على بعض المستوطنات. لكنّ يستحيل ان تكون مصدر تهديد للمستوطنين في حال إتاحة فرصة تطبيق القرار الدولي ١٧٠١ كاملاً وبسلاسة، وانتشار الجيش اللبناني على مساحة الجنوب ونزع سلاح حزب الله والفلسطينيّين. وهذا ما تعمل الدولة اللبنانية عليه. يعني أنّ اسرائيل تأخذ تهديد أمنها حجّة وذريعة لمواصلة احتلالها، ربما لجرّ الحزب إلى الوقوع في فخّ معيّن يبرّر لها استخدام القوّة مجدّداً وتوسيع رقعة احتلالها.
في ظلّ ولاية الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، قد لا يرى العالم إلا " نهار أسود" وقد يرى la vie en rose كلّ من منظاره.
جلّ ما يبغيه اللبنانيّون ويتوقون إليه بعد نصف قرن من الحروب المتتالية، العيش في سلام واستقرار وهناء. وعلى المكوّنات الطائفيّة أن تجد قواسم مشتركة في ما بينها. العدوان الأخير وسّع الشرخ بينها، وليس صحيحاً أن فتح بيوت اللبنانيّين في المناطق لاستقبال أبناء الجنوب والضاحية كان كافياً لاسقاط الحواجز، وتذليل الاختلافات. وإنّ مجرّد الحديث عن اعادة الاعمار في القرى المنكوبة وعن الجهة التي سوف تتكفّل بالعمليّة، وتركيز نوّاب الطائفة الشيعيّة على دور الدولة المحوري في العمليّة، زاد في الشرخ. فقسم كبير من أيناء الوطن يعتبر أن مساهمة الدولة يعني مساهمتهم هم الشخصيّة عبر تخصيص الضرائب والقروض الأجنبيّة لمناطق دون أخرى، وإعادة بناء شبكات البنى التحتيّة فيها بينما هذه الشبكات متضرّرة ومهترئة في غالبيّة المناطق وتحتاج لاعادة تأهيل وتحديث.
وبالحديث عن الاصلاح، يُطرح سؤال لا جواب عليه أيضآ هل سيُحاسب مسبّبو الفساد والمستفيدون منه ويجرّهم القانون والعدالة إلى ردّ ما وضعوا يدهم عليه من مال حرام؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك