نصّت الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور، على أن الرئيس المُكلّف يُجري الاستشارات النيابية، ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة. كذلك الفقرة الرابعة من المادة 53 منه، نصّت على أن مرسوم التشكيل يوقّعه رئيس الجمهورية بالاتّفاق مع رئيس مجلس الوزراء.
ما يعني، أن الرئيس المُكلّف وبعد الاستشارات يضع تشكيلته الحكومية، ويتوجّه بها إلى قصر بعبدا لمُناقشتها مع رئيس الدولة، تمهيداً لإصدار المراسيم اللازمة.
ثمّة مَن يَسأل، ألَيسَ هناك من مهلة مُحدّدة للرئيس المُكلّف للتقدُّم بتشكيلته الحكومية إلى رئيس البلاد؟
الدستور اللبناني لم يُحدّد مهلة للرئيس المُكلّف لتشكيل الحكومة، وقد يحصل أن يستمرّ التكليف دون تأليف لفترةٍ طويلة، كما حصل عام 2014 مع الرئيس تمّام سلام مثلاً.
ولإدراك أسباب عدم تحديد مهلة للتأليف، نعود إلى عام 1989، فالرئيس صائب سلام وفي مشروع الإصلاحات الذي أعدّه للقمّة العربية والتي انعقدت في تونس بتاريخ نيسان 1989، والرئيسان حسين الحسيني وسليم الحُصّ عبر مشروعهما لحلّ الأزمة اللبنانية تاريخ 2/1/1989، اقترحوا أن يُعطى الرئيس المُكلّف مهلة مُحدّدة للتشكيل، حيث إنه وبحال رفض رئيس الجمهورية التشكيلة الحكومية، يُصار إلى اللجوء إلى المجلس النيابي كي يحسم الخلاف، بِمَنح الثقة من عدمها.
غير أنّه وفي مؤتمر الطائف والذي انعقد بتاريخ 30/9/1989، عاد وطرح موضوع إعطاء مهلة محدّدة للرئيس المُكلّف لتشكيل الحكومة. لكنّ الرئيس صائب سلام، وخلافاً لرأيه الأوّل رَفَضَ يومها أي تحديد لأي مهلة للرئيس المُكلّف وذلك حتى لا يكون الرئيس المُكلّف تحت ضغط المهل. أمّا الرئيسان حسين الحسيني وسليم الحُصّ فعدّلا بطرحهما أيضاً، واقترحا أن تكون مهلة التأليف شهراً واحداً، يُمكِن أن تُمدّد لأسبوعين إضافيين. وبحال الفشل بالتأليف، يُصار إلى تكليف شخصيّة أُخرى.
بالتالي، لا مهلة للرئيس المُكلّف للتشكيل. فهل يُعقَل أن يُصادِر الرئيس المُكلّف التكليف إلى ما لا نهاية؟
مِن هُنا، من الثابت أنه ومع خلّو النّص من أي مهلة مُحدّدة للتشكيل، لا بُدّ من الارتكان إلى الاجتهاد الإداري، الذي يتكلّم عن المهلة المعقولة. والمقصود بالمهلة المعقولة هي المهلة التي يقتضي على أي مسؤول أن يتقيّد بها لإنجاز مهمّته دون أن يُلحِق أي أذى بمصالح البلاد والعباد.
علماً، أنه لا بُدّ من الإشارة إلى قرار صادر عن مجلس الشورى البلجيكي ورد فيه أن مبدأ الأمان القانوني وثقة المواطن بسلطته يُنتهك عندما تمتنع سلطة مخوّلة باتخاذ قرار ما عن اتّخاذه خلال مهلة زمنية تخرج عن إطار المعقول.
" Les principes de sécurité juridique et de légitime confiance sont méconnues lorsqu’une autorité tenue de decider s’abstient de le faure Durant un temps déraisonnablement long "
C - E- N 67- 891- 4/9/1994- T-B-P- 1998- P 299
وبالخُلاصة، صحيح أنّ الدستور لم يُحدّد للرئيس المُكلّف مهلة للتشكيل. لكنّ المسؤولية الوطنية والتي يجب أن يتحلّى بها الرئيس المُكلّف هي مَن تُحدّد له هذه المهلة.
ويبقى السؤال، هل تجاوز الرئيس المُكلّف القاضي نوّاف سلام المهلة المعقولة، والتي يقتضي أن يتقيّد بها؟
من المؤكّد أن الرئيس المُكلّف لم يتجاوز بعد المهلة المعقولة. فهناك حكومات احتاجت إلى أشهُر وأشهُر حتى نضجت. فمُقاربة ملف التشكيل يجب أن تتمّ بمسؤولية كبيرة، ولا ضَير إن تأخّر التأليف بعض الشيء، لكنّ المُهّم أن تأتي الحكومة على قدر الآمال والتوقّعات.
وبالختام، أُذكّر رئيس الدولة كما الرئيس المُكلّف أنّ مسؤوليّتكما هي تجاه الشعب اللبناني. ووصولكما ليس مِنّةً مِن أحَد، إنّما بِفضل إرادة الشعب الذي صمد وانتصر، فكونا على قدر الرّهان.
هل تأخّر سلام بالحكومة؟
الــــــســــــابــــــق
- المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: لدينا سيناريوهات متعددة جاهزة بشأن ترامب ومستعدون لكل الاحتمالات
- التحكم المروري: حركة المرور كثيفة على أوتوستراد الجية باتجاه صيدا بسبب أشغال في المحلة
- أيوب: لا يمكننا القبول بتنازلات تؤدي إلى تحديد فريق الحقائب والأسماء
- كنعان يجدد المطالبة باسترداد موازنة 2025: إصدارها بمرسوم جريمة
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك