كتب البروفسور سليم الضاهر:
في نيسان ٢٠٢١، وبمناسبة تقديم ملك المغرب محمد السادس هبة شخصية سخية لمؤسسة الجيش اللبناني، في فترة المعاناة والضيق والاوضاع الكارثية، التي عاشها الشعب اللبناني، ومنه الجيش، بادرنا الى استشارة مجموعة من نخبة المجتمع اللبناني، ومن الطوائف الاسلامية الشقيقة والمسيحية، حول فكرة ان نبادر كمواطنين لبنانيين، الى التعبير عن الشكر والتقدير للملك المغربي على هبته تلك، عبر رسالة نوجهها له. طبعا كل من استشرناهم شرفوني بتأييدهم الفكرة. فتم وضع رسالة شكر في ٢٥ نيسان ٢٠٢١. ووافق الجميع على ذكر اسمائهم فيها. وقمنا شخصيا بتسليم الرسالة الى مسؤول في السفارة المغربية.
وفي تقديرنا ان الملك محمد السادس اتخذ قراره بتقديم الهبة الشخصية السخية للجيش اللبناني كتحية تقدير للمؤسسة، ولقائدها العماد جوزيف عون، وهو الذي عرف في لبنان وخارجه، بكفاءته واستقامته ونجاحه البارز في قيادة الجيش اللبناني.
ومما قلناه حرفيا يومها في رسالتنا: "في هذه المناسبة يقتضينا واجبنا كمواطنين ان نبادر الى الاعراب لمؤسسة الجيش اللبناني، قيادة وضباطا ورتباء وجنود، عن تقديرنا الكبير لما تمثله، ولدورها الوطني البارز، وعن ثقتنا بما تقوم به في اطار حملها مسؤولياتها الامنية والوطنية. ومؤسسة الجيش هي المؤسسة الجامعة التي يلتف حولها اللبنانيون ويمحضونها ثقتهم، ومحبتهم وتقديرهم، وهي بالتالي تستحق الدعم الكبير من المواطنين، ومن اشقائنا العرب واصدقاء لبنان في العالم."
ان ايماننا هذا بالدور الكبير الذي تضطلع به مؤسسة الجيش، والذي اعلناه منذ حوالي الاربع سنوات، في رسالتنا كمجموعة، الى ملك المغرب، وامام العديد من المواطنين، نؤكد اليوم ان ايماننا هذا ازداد رسوخا منذ ذلك الوقت.
وطبعا ان نجاح مؤسسة الجيش في الاضطلاع بمسؤولياتها الامنية والوطنية، وبالتالي كسب ثقة اللبنانيين ودعمهم، يعود الفضل الاول فيه الى رأس المؤسسة العماد جوزيف عون، الذي قادها بما يملك من كفاءة عالية وخبرة مشهودة ومناقبية وحكمة اثناء السنوات الاخيرة، وهي من بين الاصعب في تاريخ لبنان.
لذلك لم يفاجأ اللبنانيون بالثقة العارمة التي محضها المجلس النيابي للعماد جوزيف عون، وانتخابه رئيسا للجمهورية. وانتخابه أشاع بسرعة مشاعر فرح وارتياح بين اللبنانيين، وايضا مشاعر تأييد وتفاؤل وثقة، في الداخل والخارج، بمستقبل وطننا لبنان، مستقبل يكون مختلفا عن المرحلة السابقة، والتي طالت لعقود.
وخطاب القسم الذي القاه رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في المجلس النيابي، هو خطاب استثنائي تجاوب فيه مع تطلعات الشعب اللبناني وطموحاتهم ورغباتهم، وبما يليق بهم وبوطنهم. وقد عبّر الكثيرون في لبنان والخارح، عن أهمية مضمون خطاب القسم، وبالتالي عن دعمهم وتأييدهم للرئيس جوزيف عون. وقد برز هذا التأييد الكبير، على اكثر من مستوى، منها المرجعيات الروحية والسياسيين، والمواطنين. ومن ابرز ما قيل في هذا الاطار كان، في رأينا، كلام كل من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، أثناء زيارته القصرالجمهوري، على رأس وفد من مفتي المناطق، لتهنئة الرئيس عون بانتخابه، وكلام نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، وكلام شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى. وايضا كلام كل من أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين والبطريرك الماروني الكاردينال بشاره الراعي، بعد زيارة الرئيس جوزيف عون له في بكركي.
ان انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية يشكل فرصة تاريخية، ويفتح افاقا كبيرة وامكانات غير مسبوقة لبناء لبنان جديد، لبنان القيم الانسانية والوطنية والاجتماعية، وفي مقدمتها الحق والعدالة والاخوة الانسانية في المسيحية والاسلام، والمساواة والتربية على المواطنية، ودور لبنان كوطن الرسالة، وحكم القانون والكفاءة وتكافؤ الفرص، وغيرها.
وتكليف الدكتور نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، بتشكيل الحكومة اللبنانية، وهو خريج جامعة هارفرد وجامعات اخرى، والمعروف في الاوساط الاكاديمية على نطاق واسع، فانه ايضا في موقعه السابق كمندوب للبنان في منظمة الامم المتحدة، وكما كتبنا عنه في صيف العام ٢٠٢٤، في دراسة لنا، غير منشورة، حول جوانب في علاقات لبنان ومنظمة الامم المتحدة، (في الصفحة ٤)، فان الدكتور نواف سلام "دافع عن قضايا لبنان بكفاءة كبيرة. وقدم مداخلات في مجلس الامن، داعيا الى احترام سيادة لبنان، وتأمين استقراره، من خلال تنفيذ قرار مجلس الامن رقم ١٧٠١." وعندما انتخب رئيسا لمحكمة العدل الدولية في العام ٢٠٢٣، كان لافتا ما كتبه في حسابه في اكس، حول همه الدائم ان تعود مدينته بيروت اما للشرائع...
اننا نؤمن ان مصالح لبنان العليا، والحكمة، وضرورة البدء بعملية الانقاذ، وطبعا بالاضافة الى نصوص الدستور، فانها كلها تقتضي تعاونا وثيقا بين رئيس الجمهورية المنتخب ورئيس الحكومة المكلف.
١٥ كانون الثاني ٢٠٢٥
*يحمل دكتوراه دولة في العلوم السياسية من جامعة هارفرد - العميد المؤسس لكلية الحقوق في جامعة فينيسيا (٢٠١٥-٢٠٢١)- استاذ محاضر في كلية القيادة والاركان (٢٠٠٢-٢٠١٦).
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك