كتبت نجوى أبي حيدر في "المركزية":
شهر بالتمام مر من مهلة الستين يوماً التي حددها اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله برعاية اميركية مباشرة، لم تتوقف خلالها الخروقات الاسرائيلية رغم التزام كامل من جانب لبنان. خروقات فاضحة تعكس لامبالاة تل ابيب بنص الاتفاق وعدم اذعانها لدعوات اليونيفل والشكاوى اللبنانية المتكررة بوجوب الالتزام بوقف النار، واضعة هيبة المُتَفِقين اولاً والمسؤولين اللبنانيين ثانيا والجيش اللبناني ثالثا والولايات المتحدة الاميركية في شكل خاص على المِحك، وموفرة ذريعة وحجة قوية لحزب الله إن قرر التحرك عسكرياً مُجددا او عدم تنفيذ البنود المتصلة بانسحابه من منطقة جنوب الليطاني، على قاعدة المساواة.
لإسرائيل مبرراتها كما يعلن قادتها وتوضح مصادرها. تريد تنفيذا سريعا للبند المتصل بتفكيك البنية العسكرية لحزب الله في جنوب كما في شمال الليطاني لضمان امنها، قبل الانسحاب من القرى التي ما زالت تتواجد فيها او تتوغل فيها حديثاً، والتأكد من ان الحزب لن يعيد بناء قدراته لاستهداف اراضيها مجدداً، فهي كما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ"المركزية" لم تبذل كل الجهد الذي بذلته في مجال ضرب بنية الحزب بشريا وقياديا وعسكريا واقتصاديا لتسمح له بالتنفس مجددا واعادة انبعاثه حياً قوياً، خصوصا ان تصريحات نوابه وما تبقى من قياداته لا تطمئن، لا سيما ما يتصل منها باستمرار المقاومة لحماية لبنان والانسحاب من جنوب الليطاني فقط. وتشير في السياق الى وجوب تبديد الضبابية في متن بيان الاتفاق على وقف النار،بين ما ورد في المقدمة وما ادرج في النص حول القوة العسكرية لحزب الله، ذلك ان الحزب يحاول العبور من خلالها الى التعامل على اساس ان انسحابه يتم حصرا من جنوب الليطاني وما خلا ذلك لا علاقة للاتفاق به، موضحة ان بنيامين نتنياهو لن يرضى باستمرار التعاطي على هذا النحو وسيمضي في تنفيذ مخططه الذي اعلن عنه والقاضي بالانتقال الى شرق اوسط جديد.
ولا تستبعد المصادر ان يبقى الجيش الاسرائيلي في القرى الحدودية المتمركز فيها راهنا في انتظار الانتشار الكامل للجيش اللبناني بما يتناسب ومقتضيات ضبط الحدود بشكل تام وإبعاد اي خطر قد يمثله الحزب، لا بل تفكيك بنيته العسكرية بالكامل، والا خلاف ذلك فإنه قد يعمد بعد مهلة الستين يوما وربما قبلها الى تسديد ضربة قوية جدا للحزب لضمان منع اعادة هيكلة نفسه، او فرض شروط اضافية عليه على غرار تفكيك بنيته مقابل الانسحاب من القرى التي ما زال يحتلها.
التوقعات هذه لا تستبعدها ايضا مصادر امنية توضح لـ"المركزية" ان لا مستحيل مع رئيس حكومة اسرائيل الذي لا يأبه لأي اتفاق دولي او اقليمي ولا يتوانى عن تنفيذ مخططاته بأي ثمن، وما حصل ويحصل في غزة لأبلغ دليل. هو يعرقل كل مشروع اتفاق لوقف النار بعد عام وشهرين على عملية طوفان الاقصى وأسر الرهائن لدى حماس، من دون ادنى اعتبار لصرخات واحتجاجات اهالي هؤلاء او ما تبقى منهم، ولم يكتفِ باغتيال اسماعيل هنية وقتل يحيى السنوار لوقف حمام الدم في غزة ولا بإدانته في المحاكم الدولية، انما يتطلع الى الابعد، ويسعى لفرض كل شروطه بما يتناسب ومصالحه السياسية والشخصية. تبعاً لذلك، وعلى رغم الرعاية الاميركية لاتفاق وقف النار مع لبنان، يبدو الرجل مستعداً لنسف كل ما اتفق عليه او التملّص منه اذا ما استشعر امكان وجود ادنى خطر من حزب الله. آنذاك سيعمد مجددا الى استهداف ما تبقى من الحزب وبنيته ويدفع لبنان مرة جديدة ثمناً للمغامرات الفاشلة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك