كتب معروف الداعوق في "اللواء":
امتص الرد الصاروخي الايراني على إسرائيل، ليل الأربعاء الماضي، جانبا من النقمة والاستياء الضمني والعلني، الذي أصاب حزب لله وجمهوره، جراء وقوف النظام الايراني موقف المتفرج،إزاء الاستهداف الإسرائيلي لقيادات حزب لله الاساسية وعلى رأسهم الامين العام حسن نصرلله، وتنفيذ أوسع هجمات صاروخية على قواعده ومقراته في لبنان، من دون أن تحرّك ساكناً، بل أكثر من ذلك، لم يصدر أي رد فعل بارز من مرشد الثورة الاسلامية علي خامنئي ، يهدد برد فعل عسكري على مستوى الحرب الإسرائيلية الواسعة ضد الحزب واغتيال نصرلله، الحليف الاساس للنظام، في تنفيذ المشروع المذهبي للسيطرة على المنطقة، بينما اعلن رئيس الجمهورية مهدي بزشكيان ان الحزب ليس باستطاعته الوقوف بوجه إسرائيل، فيما ذهب محمد جواد ظريف مساعد الرئيس، إلى القول "إن ايران ليست ملزمة بالدفاع عن الحزب وهي قدمت الكثير من المال والسلاح والتدريب له، ولكن تم اختراقه من قبل إسرائيل".
لم يبدد الرد الصاروخي الايراني، المخاوف والشكوك التي ساورت مؤيدي الحزب، من انتهاج النظام الايراني سياسة تصالحية مع الولايات المتحدة الأمريكية عبّر عنها الرئيس بزشكيان علانية في أكثر من مناسبة، وأبدى فيها استعداده للانفتاح على الخارج والولايات المتحدة الأميركية تحديدا، ومرفقا مواقفه بعبارات التودد للشعب الاميركي، والتي اعتبرها مناصرو الحزب، بأنها مؤشر على سياسة جديدة، يزمع النظام اتباعها مع الخصم الاميركي اللدود، الذي يناصب الحزب العداء ويدعم إسرائيل، ويخشى ان تكون هذه السياسة على حساب الحزب واستمرارية علاقته مع النظام الايراني.
لم تتوقف الامور عند هذا الحد، وإنما زادت الشكوك أكثر، عندما تبين أن النظام الايراني، أبلغ الادارة الاميركية مباشرة او عبر دول صديقة، نيته الرد على إسرائيل، بحجة الانتقام لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية ونصرلله ظاهريا، ومحددا الاهداف قبل القيام به بوقت طويل، ليتسنى لواشنطن إبلاغ إسرائيل، واتخاذ التدابير والإجراءات لمواجهة وإسقاط الصواريخ والمسيرات، والتقليل من أضرارها ومفاعيلها على الارض.
وهكذا كان، وحصل الرد الصاروخي الايراني، وكان بمثابة نسخة منقحة عن رد النظام المسرحي، على الضربة الصاروخية المميتة التي وجهتها إسرائيل، لمبنى القنصلية الايرانية في دمشق بشهر نيسان الماضي، واستهدفت خلالها قادة من الحرس الثوري الايراني، وتم اسقاط معظم الصواريخ الايرانية قبل وصولها، بينما لم تحدث التي سقطت منها، سوى أضرار بسيطة، لا تقارن بنسبة ضئيلة من الاغتيالات الإسرائيلية لهنية وقادة حزب لله.
الآن تسرب الادارة الاميركية معلومات عن تنسيق بين واشنطن وتل ابيب، لاختيار أهداف ايرانية محددة، لكي تنفذ إسرائيل تهديداتها بالرد على ضربة طهران الصاروخية، لاتشمل مواقع المنشآت النووية، ولا تؤذي النظام الايراني بالصميم، ما يعني في الخلاصة، أن الضربات المتبادلة، هي لتسجيل المواقف الشكلية ودغدغة مشاعر المؤيدين، وليست الا لتكريس سياسة الانفتاح التي ينادي بها الرئيس الايراني الاصلاحي بمباركة من القيادة الايرانية، لصالح استمرار النظام، ولو على حساب ضرب واستهداف ذراعه الاساس حزب لله، على يد إسرائيل، كما يحصل حاليا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك