كتب نزار قباني يوما "بيروت تحترق... وأحبك"، فأي حب هذا الذي تعطيه بيروت بلا مقابل حتى حين نكرهها ونهديها مكان الوردة سكيناً؟
في الأمس أهديناها سكيناً في عز فرحها، وكأن الفرح لا مكان له في المدينة التي بكت كثيرا وحزنت وقامت من تحت الركام أجمل وأبهى.
سيقولون الكثير ويبررون، سيتحدثون عن مؤامرات ومخططات، سيتباكون ويستغفرون بأنهم ما كانوا يعلمون.
سيستقدمون الاعداء من أقاصي الارض ليذبحوا الحقيقة ويكسروا الحلم... فإياكم والتفكير لأن هناك من يفكّر عنكم ويحلم عنكم ويعيش عنكم.
كبر الحزن كثيرا بالأمس، فالصوت اختنق في العاصمة الوحيدة التي كسرت جبروت الجيش الاسرائيلي الذي غادرها وهو يصيح هارباً على مكبرات الصوت: "لا تطلقي النار يا بيروت نحن راحلون".
اختنق الصوت في أمّ الشرائع، المدينة التي علّمت العالم الحقوق والواجبات وصدّرت الكتاب والصحافة والكلمة الحرة.
اختنق الصوت في المكان نفسه الذي صمتت فيه أصوات الاحرار على مشانق جمال باشا السفاح.
اختنق الصوت في المدينة التي كانت ملجأ الخائفين والمستضعفين في هذا الشرق الكئيب، فحين ضاقت الزنازين في العواصم العربية بالمفكرين والسياسيين كانت مقاهي بيروت تنبض شعراً وفكراً وثورة وحرية.
ماذا نقول عن بيروت التي أحبتنا كثيرا فيما كنا نقتلها ونغتال الضوء فيها.
فيا حبيبتي بيروت... أيكفيكِ اعتذار؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك