أطلقت رئيسة كتلة "المستقبل" النيابية النائبة بهية الحريري، "منصة تيار المستقبل للحوار"، تحت عنوان "الحوار.. لغة المستقبل"، وذلك في لقاء نظمته الأمانة العامة للتيار في قصر القنطاري- بيروت، وحضره اعضاء كتلة المستقبل النواب: نزيه نجم، محمد الحجار، سامي فتفت، محمد الحجيري، محمد قرعاوي، عاصم عراجي، معين المرعبي وهنري شديد، والأمين العام للتيار أحمد الحريري واعضاء الأمانة العامة في التيار، واعضاء من المكتبين السياسي والتنفيذي ومكاتب منسقيات المناطق والقطاعات.
بعد النشيد الوطني، كان ترحيب وتقديم من عضو المكتب السياسي للتيار راشد فايد فقال: "أذكر من زمن مقاعد الدراسة، ان المنهاج التعليمي الذي اتبعناه كان فيه كتاب الانشاء وغايته تعليمنا الصياغة اللغوية. وكان كل درس فيه من ثلاث صفحات، يعلو الثانية منها قول مأثور أو مثل سائر. أذكر من هذه الأقوال عبارة: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. قياسا، يبدو الحوار اليوم تاجا على رؤوس الامم لا يراه منها الا من يفتقده منها، ونحن في لبنان من هؤلاء، وما نحتاجه ليس حوارا للحوار، بل حوار لاغناء ما يوحدنا، كالمواطنة، والتضامن الوطني، ولإعلاء شأن القانون، والهوية الوطنية، على حساب المصالح والفئوية، والمشاريع الاقليمية المشبوهة. الحوار هو تفهم وتفاهم. تفهم الآخر والتفاهم معه، ليس بمعنى التواطؤ المرذول، بل بقصد تنشيط المشترك، وتقديم الاختلاف أي التمايز على الخلاف أي الفراق".
أضاف: "منصة المستقبل هي حضن لهذه الرؤية، وهي اللغة التي يريدها تيار المستقبل ان تسود في مواجهة الأزمات، ومخاطر التفكك والإنقسام، وفي غيابها، فلا شيء يحل محل الحوار. ميز الحوار مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وظل نبراسنا على الدوام. قد تفتر وتيرته حينا لكنها لا تنطفئ بل تتجدد بإستمرار. هذا اليوم محطة تجديد، فمن الاولى برفع علمها غير شقيقة شهيد الإعتدال والحوار ورفيقة مسيرته منذ الانطلاقة الأولى. انها الشاهدة على زمن الإعمار والنهوض والتألق، وحافظة الأمانة في مؤسسة الحريري ومسارات التنمية. انها النائب والوزيرة السابقة ورئيسة لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة النيابية، وسفيرة النوايا الحسنة مدى الحياة لليونسكو، ورئيسة المنظمة الإسلامية للتعليم العالي: لقد منحك الرئيس الراحل جاك شيراك وسام جوقة الشرف الفرنسي، أما نحن فنحملك الدعاء والأمل ونمشي معك ومع دولة الرئيس سعد الحريري مسيرة المستقبل بلا توقف".
الحريري
ثم تحدثت النائبة الحريري فقالت: "أربعون عاما مضت منذ أن جاء رفيق الحريري ليأخذنا من يأسنا وخوفنا وتشتتنا وتشردنا وتهجيرنا، ويخرجنا من قوقعة خطوط التماس والخصومة والعداء والكراهية بين أبناء البيت الواحد والمدينة الواحد والقرية الواحدة. في العام 1979 عندما جاء رفيق الحريري إلى صيدا، ليبدد كوابيسنا وخوفنا وقوقعتنا وانكفاءنا، ليزرع فينا شجاعة الأمل وصناعة الإستقرار والعيش بسلام. ومعكم لا أستطيع إلا أن أكون صادقة وصريحة. وأعترف أمامكم بأنني وكثيرين من البوتقة الصغيرة التي كانت حول رفيق الحريري آنذاك. لم نكن نصدق بأن أحلام رفيق الحريري قابلة للتحقيق بعد أن كنا قد تكيفنا مع إنكفائنا وخوفنا".
أضافت: "أردت من هذه المقدمة أن أحدد معكم الظروف الصعبة والقاهرة والقاتلة والشديدة الظلام التي جاء فيها رفيق الحريري ليوقد شمعته الأولى الحريرية في أساسها وفي منطلقاتها. وكانت أهدافها هي مواجهة اليأس بالأمل، والكراهية بالمحبة والتقوقع بالإنفتاح والتعصب بالإعتدال، واعتبار الدولة الوطنية الناجزة والقوية والحاضنة لجميع أبنائها هي البيت الآمن الوحيد لكل اللبنانيين بدون إستثناء. إنطلقنا من اليأس الشديد في رحلة مريرة مليئة بالمعوقات والأزمات وحملات التشويه والتجريح والتيئيس، وكانت وجهتنا هي إلى الشابات والشباب في كل لبنان، اللواتي والذين لم يكن أمامهم من سبيل للحياة إما الهجرة أو حمل السلاح ، فكانت عملية بناء المؤسسات التربوية والتعليمية وتحفيز الشابات والشباب على العلم والمعرفة. وكانوا آنذاك نصف الحاضر وكل المستقبل. وبدأت رحلة رفيق الحريري في بناء المستقبل على أساس تمكين الشابات والشباب بالعلوم الحديثة والمتطورة، ليشكل مجتمع المستقبل الآمن والمستقر والمزدهر".
وتابعت: "هذا الكلام كان في العام 1979 بدأنا في مؤسسة الحريري بتعليم كل من يريد ان يكمل تعليمه فوجد رفيق الحريري ان ذلك غير كاف، فبدأ في منطقة كفرفالوس ببناء مستشفى وجامعة ومدرسة، على اساس ان يليها لاحقا المدرسة المهنية وكان فيها سكن طبعا. بدأنا في آذار - نيسان 1982 وجاء الاجتياح الاسرائيلي لكن اكملنا البناء ودخل الطلاب الى المدرسة مع كل مدارس المنطقة في نفس الوقت. هذا رفيق الحريري قليل الكلام كثير الانجاز. وأكملنا بناء المستشفى والجامعة الى جانب المدرسة وفي اذار 1985 اثر اندحار الاحتلال الاسرائيلي من صيدا، توقف خط انسحابهم عند كفرفالوس وجرت احداث شرق صيدا، عندها قرر رفيق الحريري ان يكمل بالطلاب والمعلمين، وكان يقول هل نفتش على البناء ام على البشر. هذا رفيق الحريري كان دائما عنده وسائل لحل الأزمات بطرق كانت دائما مبتكرة وخلاقة. حزن على كفرفالوس لأنه لم يرها بعد ان بناها وكانت حلما بالنسبة له ان يكون لدينا مدينة علمية يأتي اليها الناس من كل لبنان. لكن مرة جديدة لم نكن نعرف صلابة ارادته وقوة ايمانه بمستقبل لبنان وثقته بشباب وشابات لبنان هذا كان المهم عنده. الطلاب الذين كانوا يدرسون في الجامعة اليسوعية ارسلهم الى ليون - فرنسا ليكملوا دراساتهم، والمدرسة اعدنا فتحها بشكل مؤقت في مبنى مستأجر، ثم بنينا المبنى الجديد في صيدا لكن لم نتوقف. الفكرة الأساسية بالنسبة لرفيق الحريري ان نتطلع دائما الى مستقبل هذا البلد عبر كثير من الأطر واهمها بالنسبة اليه كان التعليم".
وقالت: "استطعنا ان نتجاوز دمار الحرب والنزاع والاحتلال فتضاعفت عزيمة رفيق الحريري وإرادته واتسعت إهتماماته بشابات وشباب لبنان وبالمؤسسات الرسمية والأمنية والصحية وغيرها. واعتمد رفيق الحريري قاعدة واحدة لتجاوز الظروف القاهرة والصعبة والتي لا تحتاج إلى شرح وتفصيل، وتستطيعون جميعا أن تراجعوا تلك السنوات ، سنة بسنة، لتعرفوا أن كل نواحي الحياة العامة والخاصة في لبنان كانت مدمرة ومأساوية. والقاعدة التي اعتمدها رفيق الحريري هي أن النظر إلى الوراء والمراجعات والبحث والإتهامات لن تؤدي إلا إلى المزيد من التفتت والإنهيار. واعتمد الحوار في موضوعات المستقبل وآفاقه على قاعدة سؤال واحد: كيف نخرج مما نحن فيه؟ وفي كل المجالات بالتعليم والصناعة والزراعة والسياحة والبنية التحتية والإقتصاد والشؤون الإجتماعية والمؤسسات الرعائية والأمنية والعسكرية والإقتصادية، وعلى تحمل الدولة مسؤولياتها في عملية النهوض والإعمار وتجاوز آثار الإهمال العميق، بالإضافة إلى آثار الحرب والدمار".
أضافت: "كانت الأعباء ثقيلة والإختلافات كبيرة، إلا أنه إستطاع خلال سنوات قليلة من الحوار المتخصص والعميق مع أهل الخبرة والإختصاص والقطاعات المعنية في كل المجالات، أن يجعل من لبنان نموذجا إستثنائيا بتجارب الدول والمجتمعات، بالخروج من الحرب والنزاع إلى مجتمع السكينة والإستقرار. وشعر اللبنانيون جميعا بالطمأنينة والسلام، وأصبحت شجاعة الأمل وصناعة المستقبل ثقافة وطنية عامة لدى الأجيال الصاعدة المفعمة بالأمل والطموح والمسلحة بأحدث العلوم والتقنيات، وأزيلت كل آثار الحرب والدمار والإحتلال، وعادت بيروت عاصمة التألق والوحدة الوطنية والإنفتاح وعاد الأشقاء والأصدقاء ليجعلوا من بيروت مركزا لأعمالهم وأسرهم وعم الخير والسلام على كل اللبنانيين بدون إستثناء. ولم يكن رفيق الحريري في يوم من الأيام في وارد أن يذكر اللبنانيين بما كان عليه لبنان قبل مسيرة بناء المستقبل الآمن والمزدهر، بل كان يتطلع دائما إلى تعميق الحوار في كل المجالات، من أجل محاكاة تحديات العقود القادمة، ليبقى المستقبل غاية للأجيال الصاعدة، وكي لا تعود عقارب الزمن إلى الوراء أيام القتل والدمار والنزاع."
وتابعت: "الرابع عشر من شباط 2005. في ذلك اليوم الشديد المرارة والبالغ الأثر في أعماقنا، يوم أريد للبنان أن يعيد عقارب الزمن إلى الوراء، والعودة إلى اليأس والإنكفاء والخراب والدمار، في ذلك اليوم الأسود والشديد السواد، تحمل الرئيس سعد الحريري أعباء المضي قدما في مسيرة الأمل والرجاء واستكمال ومتابعة مسيرة النهوض والتقدم والإزدهار، رغم الآلام والجراح والخسارة التي لا تعوض، وأن يملأ الفراغ الكبير والكبير جدا. وكانت إرادته بمد اليد إلى كل اللبنانيين من الأصدقاء والمحبين. وقرر تأسيس تيار المستقبل ليتشارك معهم في استكمال مسيرة شجاعة الأمل وصناعة المستقبل. واعتمد الحوار سبيلا، وإنقاذ فكرة الدولة الوطنية هدفا بما هي حلم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكانت عزيمته صلبة وقوية بأن يبقى تيار المستقبل وامتداداته الوطنية في صلب الدولة، والسعي الدائم إلى استعادة الثقة بها. وجميعكم واكبتم تلك المحطات الموجعة والصعبة في مسيرة الرئيس سعد الحريري بالدّفاع عن الدولة وتحمل تداعيات الخروج عليها والإستئثار بها ، إلا أنه بقي رغم كل ما تعرض له، شديد الإيمان بالدولة الوطنية بما هي الخلاص الوحيد لجميع اللبنانيين. وعند كل إستهداف كان يغلب الحوار على كل ثأر واصطفاف يمكن أن يقوض أسباب الدولة الوطنية وانتظامها العام".
ورأت "إننا اليوم نشهد أرجحية نهج الرئيس سعد الحريري بأن الجميع يعانون من تداعي قدرة الدولة على تحمل مسؤولياتها الإقتصادية والإجتماعية والأمنية، وأن خلاص الجميع لا يمكن أن يكون إلا بالإنصهار التام في الدولة ومؤسساتها وتحقيق الإصلاح المنشود والضروري، لكي تعود الدولة القادرة والقوية".
واعتبرت أن "مسيرة الرئيس سعد الحريري هي أشد قسوة من مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لأنه مؤتمن على حماية الإنجازات وهذا أصعب من تحقيق الإنجازات وبعيدا عن المراجعات التي لا تؤمن الحريرية بها، بل تؤمن بتحمل مسؤولياتها بالحفاظ على رسالة رفيق الحريري وحلمه في صناعة المستقبل الآمن والمزدهر لكل اللبنانيين بدون إستثناء".
وقالت: "إننا اليوم في هذا اللقاء نريد أن نؤسس لانطلاقة جديدة لتعميق ثقافة الدولة والحوار في إطار القواعد الناظمة للدولة ومؤسساتها وفي كل مجال، وأن ننطلق معا في حوار متخصص وعلى قواعد سليمة وبتقنيات حديثة، وإنه ليشرفني أن أكون معكم اليوم وأن أقدم لكم النموذج الذي إعتمدناه في مدينة صيدا للحوار حول الموضوعات بتوجيه من دولة الرئيس سعد الحريري والذي سيعم كل المناطق اللبنانية على أن يكون لتيار المستقبل الدور الأساس في تنظيم منتديات الحوار المتخصصة في كل لبنان".
ثم جرى عرض من مجموعة من شباب مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة للتجربة التي قاموا بها على مدى سنتين ونصف السنة في صيدا على صعيد المنتديات الحوارية مع كل القطاعات، والتي كانت تنطلق من رصد ودراسة وافية للواقع والمشكلات التي يعانيها واستشراف الحلول لها عبر اشراك القطاعات والمجتمع المدني مع البلدية والجهات الرسمية ووضع وبلورة افكار وسياسات يكون الجميع مشاركا فيها.
ثم كانت مداخلات لعدد من المشاركين وحوار بينهم وبين النائبة الحريري حول فكرة "منصة تيار المستقبل للحوار" واهدافها وسبل تحويلها الى آليات عمل ، وجرى خلال النقاش التطرق الى قضايا تنموية واجتماعية تهم مختلف المناطق والقطاعات.
وختمت الحريري، فقالت: "اهمية توسعة نطاق الحوار هي اننا كي نستطيع ان نحمي اي انجاز نعمل على تحقيقه، يجب ان تكون هناك مشاركة من الجميع وهذه المشاركة هي التي نطلقها اليوم مع تيار المستقبل الذي نعتبر انه لم يقم الا على الريادة والابتكار. نريد ان نتعاون واياكم لننجز خارطة انمائية لكل المناطق اللبنانية بدون استثناء، نحن الذين تربينا على نهج رفيق الحريري لم نتعود ان نيأس، ولقد اردنا من خلال هذا اللقاء ان نفتح باب امل لصناعة المستقبل وهذا ما تأسس هذا التيار على اساسه. تيار المستقبل هو انجاز ومهمتنا ان نبني على هذا الإنجاز".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك