يتساءل كُثر لماذا لا يزور رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع المختارة، خصوصاً بعد حادثة قبرشمون التي تركت تصدعات وهواجس لدى بعض أهالي الجبل من المسيحيين؟ الزيارة ليست مستبعدة وليست أمراً استثنائياً، وقد تحصل في أي وقت، رغم انها تحتاج إلى لحظة مؤاتية تنتج مفاعيل سياسية لتأكيد التحالف الاستراتيجي الذي بدأ بمصالحة الجبل ولا يزال مستمراً حتى اليوم.
تردد في الآونة الأخيرة انّ جعجع سيزور المختارة ضمن جولة على الشوف في ذكرى المصالحة. وفي ظل غياب معلومات تؤكد أو تنفي زيارة من هذا النوع، نستعرض النقاط الآتية:
أولاً - لا يبدو انّ هناك حاجة الى حليفين استراتيجيين مثل سمير جعجع ووليد جنبلاط أن يفتعلا أي لقاء بينهما لأنّ التواصل جار على قدم وساق، والزيارة يمكن أن تتم في أي لحظة، وهما ليسا في حاجة إلى تأكيد طبيعة العلاقة التي تجمع بينهما، فهذه مسألة محسومة بين المختارة ومعراب ولا حاجة الى افتعالها.
ثانياً - لا يرغب رئيس القوات في أن تكون زيارته الشوف رداً على زيارة الوزير جبران باسيل. وإذا كان لا بد من زيارة الشوف فستكون في إطار طبيعي كزيارته زحلة مثلاً، إذ يعتبر انّ هناك قاعدة قواتية واسعة في الشوف، وبالتالي لن يدخل في لعبة الأحجام ولا في سياق الردود على هذا المستوى، ولاسيما بعد الحجم الذي ظهر فيه باسيل في الشوف.
ثالثاً - أيّ زيارة لجعجع ستكون تأكيداً على المصالحة التي حاول البعض أن يهز أركانها وثوابتها، فتأتي في التوقيت المحدد لها كاستمرار للمصالحة التي توّجت عام 2001 من البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير مدعوماً من القوات وقوى سياسية أخرى، خصوصاً الزعيم وليد جنبلاط.
وأياً تكن التحديات لا يمكن لهذه المصالحة أن تهتز، بل هي مستمرة وثابتة وتترسّخ يوماً بعد يوم. وستساعد هذه الزيارة في وَضع المصالحة وكل المصالحات الأخرى في إطار التأكيد على اتفاق الطائف، وتطبيق الدستور وتطوير العيش المشترك بما فيه قيام الدولة الفعلية في لبنان ولا عودة إلى الحرب والانقسامات الطائفية، بل بالعكس إلى مزيد من التفاعل بين المكوّنات اللبنانية.
رابعاً - إنّ أيّ زيارة من هذا النوع تأتي في سياق التأكيد على التحالف الاستراتيجي الذي يجمع الاشتراكي والمستقبل والقوات، أي التمسّك بالثوابت اللبنانية التي تؤمن بها القوى الثلاث وهي ثوابت وطنية كبرى.
خامساً - يحرص الطرفان على أن لا تكون الزيارة موجّهة ضد أحد من المكوّنات الداخلية، وليست من أجل التوظيف السياسي المحلي، لا من قريب ولا من بعيد، إنما تأتي في سياق دعم جنبلاط وتأكيد مرجعيته السياسية لطائفة الموحدين الدروز ورمزية المختارة الوطنية.
حتماً تتطلب الزيارة الكثير من الاستعدادات والتحضيرات اللوجستية، وليس سراً انها مرتبطة بالظروف الأمنية لجعجع وجنبلاط اللذين يعود اليهما تحديد الوقت المناسب للقيام بها، وإن كانت الأولوية اليوم بالنسبة إليهما هي عودة انعقاد مجلس الوزراء، لأنّ ما يحصل هو جريمة وطنية في مرحلة دقيقة اقتصادياً تتطلّب الكثير من الجهد والعمل الحكومي ومتابعة المواضيع المتصلة بالوضع المالي وموازنة 2019 ومتتبعات مؤتمر «سيدر» وحاجة لبنان إلى تسيير وترجمة الاستثمارات الموعود بها، ووضع موازنة 2020 على الطاولة، وقد يكون هذا الوضع أكثر ضرورة وإلحاحاً من زيارة «مهمة»، لكنها ليست الأهم في هذه الظروف الصعبة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك