26 تموز 2005- 26 تموز 2019. 14 عاما مرت على خروج رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من معتقله الذي أمضى فيه 11 عاما، طوى قانون عفو عام صدر عقب الانسحاب السوري من لبنان صفحتها، ليبدأ فصل من المعركة التي يصفها البعض بالسيادية إلى جانب تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب وسواها من القوى التي شكلت يوما العمود الفقري لحركة 14 آذار. صحيح أن تبدلات كثيرة طرأت على المشهد اللبناني العام منذ عودة جعجع إلى الحرية، المقيدة ، باعتبارات أمنية تجعله متصومعا في معراب الكسروانية. غير أن لذكرى 26 تموز هذا العام نكهة خاصة لأسباب عدة.
وفي معرض تعداد هذه الأسباب، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" إلى أن جعجع يحتفل بذكرى عودته إلى الحرية فيما الكباش حول حادثة البساتين لا يزال دائرا على أشده، إلى حد ضرب الحكومة بداء الشلل السياسي والاقتصادي، ما جعل البعض يستعيد صورا كان اللبنانيون يعتقدون أن الدهر أكل عليها وشرب.
وتشير المصادر نفسها إلى أن جعجع نفسه "ذاق مرارة" إحالة قضية سيدة النجاة الى المجلس العدلي للأسباب السياسية المعروفة، والتي كانت كامنة آنذاك، في حل حزب القوات اللبنانية.
وانطلاقا من هذه الصورة، تنبه المصادر إلى ما تسميها "خطورة الضغط الذي يمارسه رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال إرسلان من خلال التمترس خلف موقفه الرافض حتى اللحظة كل المخارج الهادفة إلى ابعاد كأس المجلس العدلي عن الحكومة لتجنيبها خطر الانفجار من الداخل".
وتشير المصادر إلى أن استعادة ما جرى إبان انفجار سيدة النجاة تتيح القول إن ما يحدث اليوم لا يمكن إلا أن يدرج في خانة الاجهاز على القوى السيادية، على رأسها الحزب الاشتراكي، وهو ما أعلنه بصريح العبارة رئيس حزب القوات في مقابلته الصحافية الأخيرة"، معتبرة أن كل ما في الصورة يشير إلى إرادة اسقاط الهيكل السياسي فوق رؤوس الجميع، مشيرة في هذا الاطار إلى أن إرسلان الذي لم يتوان عن تعطيل مسار تشكيل الحكومة على مدى شهور ليضم وزيره صالح الغريب إلى صفوفها لا يرى لنفسه ولا لحليفه الأول، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مصلحة في تعطيل الحكومة ومعها العهد، ما يعني أن وراء "العناد الارسلاني" رسائل سياسية مشفرة إلى جنبلاط، من جهة والحريري من جهة أخرى، علما أن هذه الرسائل تطال بشظاياها العهد الذي من المفترض أن يكون إرسلان أحد حلفائه.
غير أن المصادر تضيف إلى هذه الصورة المطبوعة بالتشاؤم والمفتوحة على احتمالات المجهول السياسي، ما تسميه نتائج عكسية قد لا يكون المتسببون بالتعطيل الحكومي قد حسبوا لها حسابا، حيث أن إصرار الحزب الديموقراطي على نقل المعركة إلى المجلس العدلي جعل الجميع متيقنين من خطورة الاستهداف السياسي المباشر الذي يواجهه جنبلاط وحلفاؤه التقليديون، ما يؤشر إلى احتمالات رؤية العصب السيادي يشتد مجددا في مواجهة حزب الله والدائرين في فلكه. بدليل أن رئيس الحكومة لا يزال مصرا على التمسك بصلاحياته لجهة وضع جدول أعمال مجلس الوزراء، والفصل بين عقد الجلسة وبت قضية "العدلي" خارج المؤسسة الحكومية، فيما جنبلاط تقدم خطوة في اتجاه الحل بطرح حل قضيتي البساتين وجريمة الشويفات إلى المجلس العدلي (في طرح أريد له أن يكون مخرجا لكن البعض قد يفسره على أنه محاولة لحشر إرسلان)، في وقت تبدو القوات على موقفها الداعم لثنائي المختارة- بيت الوسط، ما من شأنه أن يعيد إلى المشهد المحلي بعضا من التوازن لصالح القوى السيادية بعد اختلال مزمن استفاد منه حزب الله طويلا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك