بعيدا من التجاذبات السياسية والتوظيفات الانتخابية وكل الاوراق الحزبية الواردة في شأن ملف النزوح السوري وتداعياته التي لا يختلف اثنان من اللبنانيين على مدى خطورتها، وامكان انفجار "قنبلتهم الموقوتة" في اي لحظة، يضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في رأس قائمة اهتماماته الوطنية أزمة النازحين السوريين، اكثر التحديات اللبنانية سخونة على رغم طابعها العربي والدولي بامتياز، خصوصا بعدما استشعر في جولاته الخارجية مدى الانكفاء الدولي عن ترجمة الوعود التي قطعت للبنان لمساعدته في مواجهة اخطر ازماته التاريخية من دون منازع في ضوء تحولها الى نقطة خلافية داخلية قسمت اللبنانيين بين "مع" و"ضد" نسبة للانتماءات والولاءات السياسية.
وتقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية" ان الرئيس عون لن يقف مكتوف اليدين ازاء الخطر المتنامي، او يغض عنه الطرف، كونه المؤتمن على الوطن المهدد كل لحظة بالانفجار اذا لم تعالج ازمة النزوح، كما قال في اكثر من مناسبة، جاء ابرزها في مواقفه من الامم المتحدة وقصر الاليزيه وامام سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والجامعة العربية وممثل الامين العام للامم المتحدة، الذين استقبلهم في بعبدا وسلّمهم رسائل تحمّل المجتمع الدولي مسؤولية ايجاد آلية جدية لاعادة النازحين الى بلادهم، فهو لا يفوّت مناسبة الا ويثير فيها الملف الحاضر دائما في استقبالاته مع زواره من المسؤولين الاجانب وآخرهم وزير الدولة البريطاني لشؤون التنمية الدولية الستر بيرت، الذي وصل الى بيروت اليوم في زيارة يجول فيها على عدد من المسؤولين، حيث تركزت المحادثات في شكل خاص حول ملف النازحين ومقاربات لبنان لكيفية الحل، المفترض الا يبقى مقروناً بمصير وتوقيت التسوية السياسية في سوريا، في ضوء غياب معطيات حسية يمكن الرهان عليها لتحديد موعد العودة، وهو شأن لا يمكن للبنان ان ينتظره مع ارتفاع منسوب المخاطر المحيطة به على المستويات كافة بفعل الاعباء التي يتكبدها جراء استمرار النزوح السوري ونزفه المستمر في الاتجاه اللبناني على رغم توسع دائرة بيكار مناطق "خفض التوتر" وتلك الآمنة بعيدا منها، الممكن ان تستوعب القسم الاكبر من النازحين في لبنان. وقد اكد عون للضيف البريطاني "رفض لبنان توطين احد على اراضيه".
وازاء هذا الواقع، تكشف المصادر لـ"المركزية" عن خطوتين رئاسيتين، الاولى في اتجاه الدول العربية والثانية في الاتجاه الاوروبي لتكريس التصور اللبناني الرسمي بضرورة عودة النازحين الى ديارهم مع اصرار تام على ان تكون عودة آمنة وحرة وكريمة، واذ رفضت الكشف عن طبيعة الخطوتين اللتين سيقوم بهما الرئيس عون شخصيا، اكدت انهما ستتمان في وقت قريب، بمعزل عن زيارات الخارج التي يعتزم رئيس الجمهورية القيام بهما وتحديدا الكويت في 5 تشرين الثاني المقبل وايطاليا في نهايته . واوضحت ان دوائر بعبدا المختصة عاكفة على اعداد الترتيبات الخاصة بالخطوتين.
وتشير في السياق الى وجوب ترفّع القوى السياسية كافة بمعزل عن توجهاتها وارتباطاتها عن المزايدات في هذا الملف البالغ الحساسية وتوظيفه في بازار المناكفات والمصالح الخاصة لان انفجاره ان حصل، ستصيب شظاياه اللبنانيين من دون استثناء.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك