إذا كان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل متمسكا بما يسميه "نهج المعارضة المسؤولة" للمضي في وضع الاصبع على جروح ما يعتبرها "اعوجاجات أداء الحكومة التي يغرد وحيدا خارجها، فإنه أطلق مسارا جديدا يتيح له الانفتاح على الخارج ليوصل صوته المعارض، شبه الوحيد إلى الدول الصديقة وعواصم القرار، التي فتح بعضها أبوابه أمامه، في ما ترى فيه الصيفي تأكيدا على أهمية الدور الذي يلعبه الجميل على الساحة المحلية، لا سيما لجهة تكريس مساحة المعارضة في المشهد السياسي.
وبعد الرياض، التي زارها منذ 3 أسابيع، يحط النائب الجميل في 26 تشرين الأول الجاري في موسكو تلبية لدعوة رسمية، يتوقع أن ينقل خلالها إلى المسؤولين الروس موقفه من مختلف أحداث الساعة.
وفي هذا الأطار، توضح مصادر في المكتب السياسي الكتائبي لـ "المركزية" "أننا نحاول إبراز وجهة نظر المعارضة، التي تعد أمرا طبيعيا في أي بلد يحترم نفسه. هذا المفهوم لم يكن موجودا في لبنان لأن المحاصصة الطائفية جعلته أشبه بغابة. غير أن هذا الواقع تغير اليوم مع وجود موالاة ومعارضة. لذلك، نقوم اليوم بجولات خارجية لتسمع الدول العظمى والصديقة وجهة نظر المعارضة في لبنان، والتي ترتكز إلى حماية لبنان وحياده وعدم انخراطه في سياسات المحاور، إضافة إلى كيفية إصلاحه، سواء في ما يتعلق بالمالية العامة ، أو بتصحيح الموروثات والممارسات الخاطئة التي نراها".
وتشدد مصادر الصيفي على "أننا "لا نتبع محاور ولا ننخرط في أي منها. بدليل أننا انفردنا في عدم دعم وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، عندما أيده الجميع، وهذا مؤشر واضح إلى استقلاليتنا، ونعتبر أن الدولة اليوم تسلم البلد برمته إلى حزب الله، الذي يعد عنوانا للمحور الايراني في المنطقة، ونحن نرفض ذلك لأنه يعرض لبنان للخطر".
وفي رد مبطّن على منتقدي زيارة رئيس الكتائب الأخيرة إلى الرياض، حيث انتقد كثيرون الدعوة التي وجهت إليه، وذهب البعض إلى اعتبارها "استدعاء"، تؤكد المصادر أن "لا أحد يستدعينا إلى أي مكان، وتخصيص رؤساء وملوك الدول جزءا من لقائاتهم للبنان أمر يعود إليهم. ونحن يهمنا التحدث مع الجميع. بدليل أن السعودية باركت التسوية الرئاسية التي عارضناها بقوة ولم نسر بها. لذلك، لا يحق لأحد أن يلقننا دروساً في الحس الوطني".
وفيما تلفت الصيفي إلى أن "الزيارة إلى موسكو روتينية وجدول أعمالها قيد التحضير"، تحرص على إعطاء بُعْد آخر لهذه الرحلة، نظرا إلى ما أنتجه الواقع السياسي خلال العام الأول من التسوية الرئاسية، لا سيما في ما يخص الحضور الكتائبي المعارض في المؤسسات كما خارجها. وتشير في هذا الاطار إلى أن "ما تغير منذ رحلة العام الفائت إلى روسيا يكمن في حجمنا الذي كبر لأننا أصبحنا نمثل المعارضة في لبنان، ما يعطي مواقفنا وقعا أكبر في موسكو والرياض وسواهما من العواصم العالمية".
وفيما الكتائب تنفتح على الدول الكبرى وتعزز علاقاتها وحضورها على الساحة الدولية، تبدو الهوة المحلية التي أحدثها ركون الجميل إلى المعارضة آخذة في الاتساع، مع الحلفاء والخصوم على السواء. لكن المصادر، وفي محاولة لشرح هذه الصورة، تكتفي بالاشارة إلى أن "لا يمكن أن يعمل طرفا الموالاة والمعارضة معا، وهذا ما يفرضه الانتظام الديموقراطي في المؤسسات. لذلك، لا يمكن أن نكون أعز "الأصدقاء" مع رئيس الجمهورية، ولا مع رئيس الحكومة، وهذا أمر طبيعي لأن الأمور بالنسبة إلينا لا ترتبط بالعلاقات الشخصية، بل بالتموضع السياسي. بالنسبة إلينا، الأهم يكمن في أننا لم نغير مواقفنا والتزمنا ثوابتنا، وإن كان ذلك لا يعجب كثيرين".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك