في اطار اليوم الوطني لحماية نهر الليطاني وبحيرة القرعون، جال وزير البيئة محمد المشنوق ترافقه مستشارته البيئية منال مسلم على عدد من القرى والبلدات على طول نهر الليطاني في البقاع ، وكانت محطته الاولى في بلدة المرج حيث التقى بنواب زحلة والبقاع الغربي أنطوان ابو خاطر وعاصم عراجي وجمال الجراح وزياد القادري ومفتي البقاع الشيخ خليل الميس وعدد من رؤساء البلديات وحشد من المواطنين.
وألقى وزير البيئة سلسلة كلمة حيّا فيها ابناء البقاع ووقوفهم الى جانب تنظيف نهر الليطاني.وقال " رأيت لافتة تقول " الليطاني يقتلنا " ، لا الليطاني لا يقتلنا بل هو مصدر حياة والتلوث نحن من يقوم به ونقتل الليطاني وهذا مرفوض ، ولا يجوز لنا كمواطنين أن نرضى بأن يتحول أطول نهر لدينا بطول 170 كلم الى مجرور أسود يسير حاملاً كل الامراض وخطايا المواطنين والمؤسسات والشركات والبلديات.وهذا التلوث لا يأتي من الطبيعة ، لو تركنا النهر لكان جيداً وغزيراً ولكان طيباً كما كان البردوني والبحيرة وكل هذا هدمناه نحن على مدى سنوات ، ولا يجوز لأحد أن يتنكر بأنه ساهم بشكل و بآخر بالوصول الى هذا الوضع إما بالتطنيش أو بعدم رفع الصوت.المرحوم الرئيس صائب سلام كان يقول ما لا يؤخذ بالرجاء يؤخذ بالالحاح وبالضغط لتحقيق مطالبنا النبيلة ".
وقال " لا يجوز أن يتسمّم ابناؤكم ، وهذه الوقفة لكم اليوم ليست فقط وقفة شجاعة وأبيّة بل هي وقفة ملتزمة كما هي وقفة دولة رئيس مجلس الوزراء ودولة رئيس مجلس النواب كما جميع النواب الذين نذروا أنفسهم لهذا المشروع .فلا فضل لوزارة البيئة وحدها بل الفضل لكل النواب الموجودين هنا وأحيي بينهم عاصم عراجي وجمال الجراح وانطوان ابو خاطر وأمين وهبي وغيرهم من النواب ".
واضاف وزير البيئة " لا عذر لأحد بألا نفكّر بالليطاني ، ويجب أن نعزل الليطاني عن محيطه الذي يؤدي الى تلويث النهر. ودوركم منع المصانع من التلوث هناك صناعات غير مسجّلة إمنعوها ، هناك صناعات بلا ترخيص إمنعوها، لا يجوز أن تعمّ التسويات. ودولة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام قام بجهود جبارة لتأمين القروض عن طريق البنك الدولي الذي نعتبره شهادة جيدة بالمشروع ويشجّع الصناديق العربية والدولية والمانحين على التبرع وتقديم القروض الميسّرة لهذا المشروع ، واقرار القانون البرنامج في المجلس النيابي كانت بدفع واضح من دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن جميع النواب الذين صوّتوا وصفّقوا بعد اقرار هذا المشروع لأنهم جميعاً يشعرون بهذه المسؤولية التي لم تأت لوحدها بل جاءت بعد ضغط من نواب البقاع والجنوب والبلديات.ومعنا اليوم مجموعات من الامم المتحدة تساعدنا والدكتورة منال مسلم إحدى الناشطات في اطار موضوع الليطاني وهي خبيرة بيئية في الوقت ذاته وساهمت مساهمة كبيرة في قضية القرض وكل المشاريع التنفيذ ".
جب جنين
ثم تابع وزير البيئة جولته وكانت محطته الثانية في جب جنين حيث لاقاه النائب أمين وهبي وعدد من رؤساء البلديات وكانت كلمة لوزير البيئة وكانت لوزير البيئة جاء فيها " منذ بضعة أسابيع، وبمناسبة مؤتمر "الليطاني شريان الحياة" الذي دعت إليه الحملة الوطنية لحماية نهر الليطاني، قلت "إنّه يقتضي توفّر "مجنون" لإنجاح كلّ قضيّة، المجنون الذي يكرّس كل وقته ويتابع بشغف، والذي يثابر دون أن يرهق، والذي يتجرّأ على قول كلمة "لا" بوجه الفاسدين... وأنّه إذا كانت هذه صفات المجنون، نعتزّ أن نقول إنّنا جميعاً مجانين في سبيل الليطاني وكلّ لبنان ".
ولعلّ ما حصل خلال الأسبوع الفائت من إقرار المجلس النيابي للقانون البرنامج لمكافحة تلوّث هذا النهر من المنبع إلى المصبّ بقيمة 1,100 مليار ليرة لبنانية، وقرض البنك الدولي بقيمة 55 مليون دولار أميركي للمساهمة في هذا البرنامج، خير دليل على شغف كلّ المعنيّين لاسترجاع هذا النهر.
هذا ليس المثال الأوّل لما قامت به هذه الحكومة، حكومة المصلحة الوطنية، في سبيل استرجاع هذا النهر. فمن أولى قرارات هذه الحكومة، كان القرار رقم 32 تاريخ 9/5/2014 بتشكيل لجنة من جميع الوزارات المعنيّة والإدارات الرسميّة الأخرى المعنيّة بالإضافة إلى أبرز البلديّات لمتابعة تطبيق خارطة الطريق لمكافحة تلوّث بحيرة القرعون والحوض الأعلى لنهر الليطاني التي كانت قد أعدّت في عهد الحكومة السابقة. وهذا تدبير مؤسساتي جد ضروري كون الموضوع يطال أكثر من وزارة، وهو ما تشدّد عليه جميع الجهّات المانحة.
كما وتبعت هذا القرار سلسلة من القرارات والمراسيم ترمي إلى إقرار هبات وقروض من أجل تنفيذ المشاريع الملحّة مثل: هبتان بقيمة 35 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لتحديث القدرات في مجال إدارة النفايات الصلبة؛ هبة بقيمة 15 مليون يورو من الاتحاد الاوروبي أيضاً لتوفير خدمات معالجة مياه الصرف الصحي للسكان الاكثر فقراً وهشاشة في لبنان؛ هبة بقيمة 3,2 مليون $ من مرفق البيئة العالمي لتنفيذ مشروع الإدارة المستدامة للأراضي في حوض القرعون؛ قرض بقيمة 15 مليون دولار أميركي من البنك الدولي لتنفيذ مشروع مكافحة التلوّث البيئي (الصناعي)؛ ابرام الاتفاقية المالية لمشروع معالجة مياه الصرف الصحي في عنجر ومجدل عنجر وقب الياس وهو قرض بقيمة حوالي 26,5 مليون يورو من الحكومة الايطالية؛ بالإضافة إلى تمويل داخلي بقيمة 10 مليون $ لاستكمال امدادات محطّة ايعات؛ وغيرها من الأمثلة.
كما وطبع عهد هذه الحكومة الاهميّة القصوى التي أولتها لموضوع تفعيل تطبيق القوانين والأنظمة البيئية، فكان استكمال الإطار المؤسساتي لهذا الموضوع من خلال:
* القانون 251/2014 (تخصيص محامين عامين متفرّغين وقضاة تحقيق لشؤون البيئة)، وعلى إثره تعيين محامين عامين في 6 محافظات (بيروت، جبل لبنان، الشمال، الجنوب، البقاع والنبطية) بالإضافة إلى قضاة التحقيق في هذه المحافظات. وهنا وبما أنّنا في البقاع، لا بدّ من أن ننوّه بالجهد الكبير الذي بذله ويبذله حضرة المدعي العام البيئي في محافظة البقاع، القاضي محمّد مكّاوي في هذا المجال.
* المرسوم 3989/2016 الذي صدر مؤخّراً حول إنشاء ضابطة بيئية وتحديد عدد أعضائها وتنظيم عملها. إنّ من شأن عناصر هذه الضابطة لدى تعيينهم أن يساهموا أيضاً في تفعيل تطبيق القوانين والانظمة البيئية.
إنّ كل هذه الانجازات، وبالرغم من أهميّتها، تبقى بعيدة عن الواقع إذا لم تستكمل ببعض الخطوات الأساسية، والتي ناقشناها منذ بضعة أيام في وزارة البيئة مع سعادة النائب جمال الجرّاح وسعادة النائب أمين وهبة ممثّلين نوّاب البقاع الغربي، وسعادة النائب أنطوان أبو خاطر ممثّل نوّاب زحلة، بحضور البنك الدولي ومجلس الإنماء والإعمار:
1. التنفيذ السليم والسريع للمشاريع المقرّة ضمن القروض والهبات المستعرضة، وتوطيد التواصل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتأمين الموارد الملحوظة ضمن قانون البرنامج.
2. العناية الدقيقة والحثيثة لموضوع التشغيل والصيانة لجهّة مصادر التمويل وآلية التنفيذ، خاصّة أنّنا في بلد يعاني بشدّة من موضوع الصيانة والمتابعة.
3. إرغام المؤسسات الصناعية على الالتزام بالمعايير البيئية تحت طائلة الإقفال وسحب الرخصة، مع التذكير ببرنامج الدعم المتوفّر للمصانع في هذا المجال والذي أعدّته وزارة البيئة بالتعاون مع مصرف لبنان والبنك الدولي والحكومة الايطالية وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي LEPAP (Lebanon Environmental Pollution Abatement Project).
4. التشدّد في الرقابة ومنع التعديّات، والصرامة في تطبيق القوانين والانظمة المرعيّة، بالتعاون مع المحامين العامين البيئيين وقضاة التحقيق في شؤون البيئة الذين تمّ تكليفهم استناداً إلى القانون 251/2014، والضابطة البيئية لدى بدء العمل بها تطبيقاً للمرسوم 3989/2016.
5. تحسين التواصل بين الإدارات المعنيّة والبلديّات من خلال لجنة الحوض المنشأة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 32 تاريخ 9/5/2014، وإعطاء جرعة الدعم اللازمة لهذه اللجنة وتطوير إمكانيّاتها لتفعيل أدائها لمهامها، خاصّة ما يتعلّق بدمج العلم بالحوكمة integrating science and governance، وبالتالي مواكبة الاتجاهات العالمية في هذا المجال، وما يستوجبه ذلك من تكثيف الأبحاث بالتنسيق مع القطاع الاكاديمي research and development.
6. البناء على لجنة الحوض لمأسسة عمليّة الإدارة المتكاملة له.
7. تطوير عمليّة مراقبة مياه النهر كمّاً ونوعاً من أجل تحسين نوعيّة المعلومات المتوفّرة، وبالتالي نوعيّة الأبحاث، فنوعيّة السياسات التنموية في هذا المجال.
8. التشديد على التثقيف البيئي ورفع حسّ المسؤولية لدى جميع اللبنانيّين دون استثناء، وتحفيز الاعمال اليومية الصغيرة التي من شأنها الحفاظ على الموارد الطبيعية، حتّى تتحوّل إلى نمط حياة.
9. العمل على تغيير أسلوب التواصل في المواضيع البيئية بغية ايصال الرسائل البنّاءة المرجوّة لجميع المعنيّين؛ هذا أساسي لإنضاج عادات أكثر استدامة لدى اللبنانيين.
10. أخيراً وليس آخراً، عودة النازحين السوريين إلى بلدهم الأمّ.
وحدها هذه الخطوات العشر ستؤمّن استرجاع النهر على ما كان عليه منذ عقود؛ نهراً نشرب منه، نهراً نروي به مزروعاتنا وعيوننا مغمّضة، نهراً نسبح فيه ونحن نرى قعره بوضوح، نهراً يؤمّن المسكن السليم للنباتات والطيور وغيرها من الكائنات الحيّة التي نتغنّى بوجودها.
المسيرة طويلة؛ انّما إذا استمرّ التعاون الذي لمسناه عن قرب في متابعتنا لهذا الملفّ، التعاون ما بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، والهيئات المحليّة والأهليّة والاكاديمية والإعلامية والاقتصادية، والمواطنين بشكل خاص، سننجح ليس فقط في تسريع المراحل، انّما أيضاً بجعل عملنا هذا مثلاً يحتذى به بالنسبة للأنهر الأخرى.
وختم وزير البيئة " الشكر كلّ الشكر لكلّ من ساهم ويساهم في استرجاع هذا الشريان الحيوي. واليوم أوّد توجيه شكر خاص لطلّاب المدارس، شباب الغد وصانعي القرار في المستقبل. ما تقومون به اليوم يستحقّ كلّ التقدير، وأدعوكم للاستمرار في هذا النهج من العطاء خدمة للبيئة وخدمة للوطن، لأنّ من أحبّ بلده، حافظ عي بيئته. فـ" بيئتي وطني"، هذا كان شعاري لدى تسلّمي مهام وزير البيئة في شباط 2014، وهذا ما آمل أن يبقى أبداً راسخاً في عقولكم وضمائركم وقلوبكم ".
بحيرة القرعون
ثم واصل وزير البيئة جولته وكانت محطته الثالثة في بحيرة القرعون حيث التقى بالنائب علي فياض والنائب أمين وهبي وكانت له كلمة جاء فيها " هذا الحماس الذي شهدناه اليوم في اطار اليوم الوطني لحماية حوض الليطاني على اهميته لا يكفي ليعود الليطاني الى ما كان عليه ،ما نريده هو انخراط شعبي كامل وانخراط من كل النقابات أقصد المحامين والمهندسين والأطباء وانخراط من الوزارات أقصد وزارة الصحة ووزارة الزراعة ووزارة الصناعة بصورة أدق . فالليطاني لنا جميعاً وسنستعيده بعد سنوات الحرمان وبعد سنوات التلوث وهذا الضياع علينا وعلى نهضة الزراعة في لبنان ، هذا هو اليوم المشرق والحمد الله توفقنا به ".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك