بالطبع سمعتم بالقانون الذي صيغ على شكل سؤالٍ "من أين لك هذا؟". هذا القانون يرتبط مباشرةً بمحاربة الفساد السياسي والإداري، وبالحرص على الشّفافيّة وعدم سرقة المال العام. ولكن هذا السّؤال قد يصحّ في لبنان في مجالات أخرى غير سياسيّة أو إداريّة تتعلّق مباشرة بحسابات بعض اللّبنانيّات على مواقع التّواصل الاجتماعي.
قد يتّهمنا البعض بالحشريّة أو حتى بالتدخّل في شؤون الآخرين، إلاّ أنّ الحقيقة هي أنّ من يضع حياته أمام أعين الجميع، ويتباهى بعدد متابعيه، ويتقبّل مختلف التّعليقات على صوره الشّخصيّة والفاضحة في بعض الاحيان، لن يؤذيه قراءة هذا المقال، الذي هو في الواقع تعليقٌ يتبادر الى أذهان كُثرٍ.
من أين لهنّ هذا؟ صورة واحدة على إنستغرام قد تُثمّن بمئات آلاف الدولارات. سيارة "سبور"، ومجوهراتٌ وثيابٌ ومحفظات باهظة الثّمن تُساوي الواحدة منها راتب مواطنٍ لبنانيٍّ متوسّط الدّخل على مدى أشهر.
نساءٌ لا دوام عملٍ لهنّ، إنما يواظبن على ارتياد الحفلات والمعارض والافتتاحات واللّقاءات الاجتماعيّة الفخمة كلّ مرّة بـ"لوكٍ" مُختلفٍ، هذا بالاضافة الى زيارة النادي الرّياضيّ يوميّاً والتّباهي بممارسة الحركات البدنيّة الصّعبة نسبيّاً بمساعدة الـPT أو ما يُعرف بالمدرّب الرياضيّ الخاص، الذي يحظى دائماً بفسحة شُكرٍ على "فيسبوك" أو "إنستغرام" وعلى لقطة "سيلفي" بعيدة كلّ البعد عن العفويّة.
حدّث ولا حرج عن السّفرات. وجهاتٌ كثيرةٌ ومختلفة. وصورٌ تُحمّل من أفخم عواصم العالم، هناك حيث تتنقّل بعض اللّبنانيّات بين أشهر المناطق والوجهات السياحيّة.
ولكن من يُموّل هذه النّشاطات المُكلفة؟ وراء كل إمراةٍ لُبنانيّة مبذّرة للمال، رجلٌ يمدّها بمبالغ طائلة تخوّلها الحفاظ على هذا النّمط الاجتماعيّ الفخم.
رجلٌ قد يكون والدها أو زوجها، أو خطيبها، أو حبيبها، أو "صاحبها"، أو حتى معجبٌ ثريّ يُعبرّ بالـ"كاش" عن حبّه وعاطفته. هو موجودٌ دائماً عبر كلّ ما تشتريه وترتديه وترتاده، وقد يكون برفقتها في رحلاتها السياحيّة، وهو في معظم الاحيان من يلتقط لها الصّور الجميلة. إنّه الرّجل الذي لا يظهر في الصّورة!
بينما تشكر هي مصفّفي الشّعر وخُبراء التّجميل، والمُصمّمين العالميّين، وأصحاب الدّعوات في تعليقاتٍ لها على صورها، سنشكر نحن بدورنا ذاك الرّجل الخفيّ الذي يعمل ويتعب ليؤمّن لها عيشاً "كريماً"، فيما هي تنشرُ، وتصرفُ، وتتباهى!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك