رعى وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي مؤتمر "المخطط التوجيهي العام ودور البلديات" الذي تنظمه اللجنة العلمية في نقابة المهندسين في طرابلس وشبكة سلامة المباني، في حضور عدد من الفاعليات والمهتمين.
عقدت ورشة عمل أولى تحدث فيها رئيس بلدية طرابلس رئيس اتحاد بلديات الفيحاء المهندس أحمد قمرالدين عن "واقع مدينة طرابلس ومحيطها والمشاريع قيد التنفيذ والرؤيةالمستقبلية للمدينة"، وعرض صورا عن الواقع الحالي للمباني والأسواق والشوارع في طرابلس وكيف يمكن تحويلها لتصبح طرابلس مدينة مزدهرة والحفاظ على المباني والأماكن التراثية والسياحية، وتوقف بصورة خاصة عند مقارنة بين ساحة التل في الوسط التجاري في المدينة مع واقع الحال في ساحات المدن العالمية مثل باريس ومكسيكو ولندن وإسطنبول وسيفيل، وعرض تصميما لما يمكن أن يكون عليه نهر أبو علي الذي يخترق المدينة القديمة وما يمكن أن يقام في المنطقة من مؤسسات ومشاريع.
وقال: "الخطة الإنقاذية السريعة تهدف إلى تفعيل التأهيل المهني والعمل مع الوزارات والجمعيات والهيئات الدولية لمعالجة التسرب المدرسي ومساعدة الشباب على إيجاد فرص عمل وتحسين صورة المدينة ومعالجة التشويه الإعلامي، إضافة إلى تنفيذ البنى التحتية في السقي الشمالي وزيتون طرابلس وتحسين المخطط التوجيهي لعام 2009 وبناء ملاعب وقاعات رياضية ومعالجة جبل النفايات وإقامة معمل لفرز وتدوير النفايات وتنمية المدينة الأثرية والأسواق التجارية والساحات العامة".
وشدد على "وضع دراسة للبسطات الثابتة والمتحركة ووضع خطة طارئة للسير والإهتمام بالنظافة وتجميل الوسطيات ومداخل المدينة، وتطوير العمل الإداري والفني في البلدية وتفعيل اللجان وتحويلها إلى خلايا عمل". وأكد ان "خطة التنمية المتكاملة تتناول أمورا عدة منها التنمية الإقتصادية والموارد الطبيعية والتاريخية وإقامة مكتبات وأندية، وأن البلدية بصدد إنجاز خطة للتحول والتطور المؤسساتي في البلدية لتحسين الخدمات البلدية ومحاربة الفقر وتنمية الإقتصاد المحلي وحماية البيئة"، وأشار إلى أن "نجاح خطة التنمية المتكاملة متوقفة على التأييد ودعم المجتمع المحلي وآخرين من أصحاب المصالح في المدينة"، مشددا على "المبادرات في التنمية التجارية والعمرانية والإجتماعية".
وقال: "البلدية بدأت بالتحضيرات اللازمة لخطة التنمية الشاملة للمدى المتوسط والبعيد وهي خطة خمسية وكذلك وضع خطة طارئة. هناك تضاعف لعدد السكان مرتين مع لجوء الأخوة السوريين إلى طرابلس وزيادة المساحات المبنية اربعة أضعاف وعدم تطوير هيكلية البلدية وآليات عملها وإستفحال الهدر. طرابلس تعاني من هجرة تشكل نزيفا مستمرا لابناء طرابلس وعائلاتهم. الآلاف جربوا الهجرة غير الشرعية، وهناك هجرة على صعيد المستثمرين وأصحاب الإختصاص في حين أن المدينة تعاني من فقر وتدني المداخيل ومن عجز إقتصادي وبطالة وحرمان إلى جانب مشاكل وتشويه عمراني وغياب طرابلس عن الخريطة السياحية، تعاني المدينة التاريخية والاسواق والتل أيضا من إهمال وسط إنعدام لأي جذب سياحي".
وتناول "الواقع الصحي والإقتصادي وتأثير النزوح السوري على البنى التحتية والأوضاع الإقتصادية والإجتماعية".
وقال: "بدأ العمل المدني في لبنان بموضوع التنظيم المدني سنة 1958 حين تم تكليف بعثة إيرفد بوضع مشروع الخطة الشاملة للانماء، وقد تحقق هذا الحلم ولو متأخرا بعض الشيء بإقرار الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، وقد صدقت بموجب مرسوم سنة 2009، وعمل المديرية العامة للتنظيم المدني مرتبط بشكل مباشر بعمل البلديات واتحادات البلديات لأنها السلطة المحلية المباشرة، وهذه العلاقة يجب ان تنتج عملا تشريعيا تنظيميا يكتمل بحسن التنفيذ والتشدد بمراقبة الأعمال، والقانون أعطى صلاحيات واسعة لأجهزة البلديات بمراقبة الأعمال والسهر على حسن التنفيذ والإستعانة بالأجهزة الفنية والأمنية الموجودة ضمن الأقضية والمحافظات، ولكن الواقع والمشهد الحالي لقرانا ومدننا لا يترجمان هذه الحقيقة".
أضاف: "إن مرحلة الحرب اللعينة التي اجتاحت البلاد لسنين عديدة تركت آثارا من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل محوها أو تجاهلها ومع الأسف فإن صدور قوانين تسوية الأوضاع سنة 1983 وسنة 1994 قد رسخ قاعدة في أذهان اللبنانيين أن قوانين التسوية هي قاعدة تشريعية تطل لتغفر ذنوب من تجاوز وخالف القوانين".
ونقل عن الباحث اللبناني ميشال شيحا قوله: "إن لم ننتبه للأمر فإن بلدنا سيضيق بنا كثيرا وعلينا أن نذكر على الدوام أننا لا نملك سوى أكثر بقليل من عشرة آلاف متر مربع وبالتالي يجب أن ننظم أنفسنا كي لا نضيع من بقاعنا وساحلنا وشمالنا وجنوبنا أي من ثرواتنا الطبيعية وألا نضيع ذرة واحدة من التراث والجغرافيا والتاريخ".
تحدث في الجلسة الثالثة رئيس شبكة سلامة المباني المهندس يوسف فوزي عزام عن "مراحل المخطط التوجيهي العام، أمثلة وتجارب من مدن عالمية"، وقال: "ربما عند البعض المخطط التوجيهي هو عامل الإستثمار أي ما يتعلق بالمساحات والإرتفاعات والتراجعات، وعامل الإستثمار هو جزء من المخطط التوجيهي وليس كل شيء، وسأجيب عن سؤال ما هو المخطط التوجيهي من خلال مشروع إشتغلنا عليه في مدينة اربيل العراقية بين عامي 2005 و2007، والمشروع كان عبارة عن خمس مراحل أولها جمع معلومات ثم تحليلها، فمسارات المدينة والعمل على أحد هذه المسارات وتحويله إلى مخطط توجيهي عام يبدأ من دراسة دور أربيل التي تعتبر اقدم مدينة لا تزال مسكونة حتى اليوم، وبالتأكيد التاريخ تغير ورأينا أنها تقع بين تركيا وإيران وهي جزء من العراق، والأكراد الموجودون في المنطقة هم جزء من النسيج العراقي. ثم عملنا على الدور المستقبلي للمدينة وسط منطقة تشكل حكما ذاتيا وهي إقليم كردستان العراق وجمعنا أيضا معلومات عن محافظة اربيل حتى نفهم دور المدينة على صعيد المحافظة، ومن هناك إنطلقنا إلى القضاء ومنه إلى قلب المدينة".
وتابع: "نحن انطلقنا من المحيط لكي نصل إلى قلب المدينة التي قسمناها إلى عشرة أقسام، وكل قسم يعبر عن وجهة إستخدام معينة صناعية أم تجارية ام سكنية، وأعددنا خريطة عن واقع الحال تبين إستخدامات الأراضي وعدد سكانها ومواردها ومواقعها إلى ما هنالك، وما يتطلب كل ذلك من وجود عدد معين من المدارس والمراكز الصحية والإستشفائية والجامعات وما يتعلق بالبنى التحتية، وكل ذلك من خلال التحليل وجمع المعلومات، ومن ثم درس ما يتطلبه كل قسم. لقد سيطر الوضع الأمني في المنطقة على هواجسنا في حين اننا وجدنا المباني الحكومية متباعدة ومنتشرة، وما إقترحناه هو إعادة تجميع هذه المباني في مركز واحد، وأقمنا مجمعا كبيرا لرئاسة حكومة الإقليم والوزارات لتسهيل معاملات المواطنين، وكذلك ضبط الوضع الأمني،هذا من جهة الفوائد، كما ذهبنا إلى خارج المدينة لتأمين التواصل بين المباني والأماكن المنتشرة على مسافات واسعة وبين المدينة".
وختم: "توقفنا عند دراسة الواقع الصناعي وتحديد أمكنته وماهية المصانع التي يمكن إقامتها، وكذلك المشاريع الإستثمارية التي يمكن ان تساهم في تبديد البطالة او تراجع نسبتها، وتناولت دراستنا المباني السكنية التي تتلائم مع اوضاع السكان من ناحية مساحة الشقة السكنية وما هي متطلبات السكان، وهل يريدون المباني مرتفعة او لا تتجاوز الطبقة او الطبقتين، ووجدنا ان السكان في اربيل يرغبون في التواصل مع بعضهم البعض في حين ان المباني المرتفعة تحد من هذا التواصل".
أضاف: "الكل يدرك أنه تم استهدافنا من خلال واقع أمني غير طبيعي، وهذه المدينة تعرضت لمجزرة في التبانة سنة 1985 وذهب ضحيتها حوالى 800 شهيد وبالمقابل نحن نعي وندرك ماذا فعلت 7 أيار وتداعياته ونعرف أيضا مشروع ومخطط "فتح الإسلام" ونحن عندما كنا في قوى الأمن الداخلي ومع الجيش اللبناني لم ننقذ فقط شمال لبنان بل أنقذنا كل لبنان من مؤامرة فتح الإسلام، وبالمقابل تعرضنا لـ21 جولة عنف بمعدل 4 او 5 جولات عنف كل أربعة أشهر تقريبا وسقط فيها عدد كبير من الضحايا، والحمد لله تخلصنا كما قلت من التحدي الأمني بفضل وعي السياسيين والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وكل المؤسسات الأمنية ونحن اليوم أمام مرحلة جديدة".
وتابع: "من هذا المكان في الأسبوع الماضي اعلنت أني امد يدي إلى كل القوى السياسية حتى أقول ان التنمية في المدينة هي مسؤولية الجميع ومن المفروض ان تكون لدينا وثيقة شرف ونقوم بتحضيرها مع نقيب المهندسين حتى يوقعها كل السياسيين لنقول أننا قد نختلف بالسياسة ونتقارع في الإنتخابات وبكل المناسبات ولكن على مستوى التنمية في المدينة لا يجوز إلا ان نكون يدا واحدة فقط لا غير. الوثيقة يتم تحضيرها وندعو كل السياسيين إلى توقيعها لفصل تنمية المدينة عن خلافاتنا السياسية وصراعاتنا الإنتخابية، وبالنسبة إلى التنمية نحن فريق واحد ومن يحب مشاركتنا أهلا وسهلا به ونتمنى ألا يعرقل أحدنا الآخر. هذه المدينة لها علينا وآمل أن نكون جميعا عند حسن ظنها".
وقال: "في المقابل أصررنا على إقامة هذه الندوة لنقول كيف نريد تحضير مخططنا التوجيهي لما بعد عشرين او ثلاثين او خمسين سنة، وأن نذهب إلى أصحاب الإختصاص ليعدوا الدراسات عن واقعنا السوسيولوجي والبشري وعلى صعيد المساحات ونعد المخطط التوجيهي ولنقول خلال السنوات الخمس المقبلة لدينا هذه المشاريع وخلال عشر سنوات لدينا تلك المشاريع الأخرى".
أضاف: "في كل الأوقات اركز على ناحية مهمة تكمن في وجود حزام بؤس حول المدينة وألا نفعل مثل النعامة بوضع رأسنا في الرمل ولا نرى ما يدور حولنا، فشمال وشرق نهر أبو علي هناك منطقة فقر غير مقبولة نهائيا، وإذا لم ننفذ مشروعا استراتيجيا بعيد المدى وغير ترقيعي لهذه المنطقة فإن حزام البؤس هذا سيلتف حول المدينة واليوم بدأ من شمال المدينة ويلف باتجاه البداوي وعلى العيرونية ويتابع إلتفافه ليصل إلى جنوب طرابلس بما يشبه الطوق ويحضر إلى ما يشبه حربا طبقية مستقبلية وندخل بذلك إلى صراع طبقي ودائما الفقر يأكل الغنى إلا إذا كان هناك رؤية وإرادة عمل. هذا الواقع تم طرحه من رئيس البلدية في المخطط التوجيهي لتغيير طبيعة نهر ابو علي الذي يتحول وخاصة خلال الصيف إلى مجرور وبالطبع المهندسون يعرفون أن المدينة التي فيها ماء يجب أن يكون هناك حياة على يمينها وعلى يسارها، والمياه التي تسير في مجرى النهر هي مياه آسنة وهي مكان لتكاثر البرغش والحشرات، والفكرة لإنقاذ منطقة النهر من هذا الواقع المزري هي في إقامة سد عند المولوية ومن ثم تتكون بحيرة مياه حلوة من شأنها تغيير طبيعة المنطقة، ومن ثم من السد إلى البحر على مسافة 3 كلم يكون مجرى النهر منخفضا عن سطح البحر وبذلك تدخل مياهه إلى مجرى النهر فتتحول المنطقة وتتغير الصورة نحو الأفضل، ويتبدل الحال من الفقر والتعتير إلى أمل وإلى زيادة في مداخيل سكان المنطقة".
وتابع: "في المقابل مشروع سكة الحديد قائم وعندما كنت مشاركا في أعمال مجلس الوزراء تم إقرار هذا المشروع تمهيدا للاستفادة منه بأفضل ما يمكن في مرحلة إعادة إعمار سوريا التي آمل ان تتوقف فيها الإشتباكات، وهناك تواصل من البنك الدولي معي شخصيا والمطلوب التحضير لمؤتمر يعقد خلال ثلاثة اشهر في طرابلس، فالمشاريع من شأنها مكافحة الفقر والأمنيون يدركون ان الفقر يؤدي إلى التطرف والإرهاب، لذلك همنا تأمين فرص العمل لأبنائنا ليعيشوا بكرامتهم وإبعادهم عن الفقر والإرهاب وان تكون طرابلس قاعدة للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، وأعود وأقول ان المفتاح السحري في إعادة إنماء طرابلس هي في التوقيع على وثيقة الشرف سواء ربحت أنا الإنتخابات او ربحوا هم الإنتخابات، فلنضع صراعاتنا جانبا ونعمل كفريق عمل لإنماء المدينة، ولن يكون إنماء إلا ضمن منظار موحد طرابلسي اولا ثم شمالي ثانيا ولبناني ثالثا".
وردا على سؤال قال: "مفهومنا لموقع المسؤولية هو في أن نكون في خدمة مدينتنا ووطننا، واما ان نكون في ابراج عالية وان يأتي الناس ويصفقون لنا فهذا امر قد سقط في الحقيقة، والبلدية ليس لديها عصا سحرية. عندما تسلمت مسؤوليتي في قوى الأمن الداخلي استغرق الأمر ستة أشهر لتطوير المؤسسة، ولا شك ان البلدية تحتاج إلى بعض الوقت للانطلاق في مسؤولياتها وخدماتها ومشاريعها، وأؤكد للجميع اننا من خلال حواراتنا مع رئيس البلدية وأعضاء المجلس نحن مطمئنون إلى نزاهتهم وحبهم لمدينتهم وكفاءتهم وتفانيهم في العمل، وولادة الجنين تتطلب تسعة اشهر ولا يمكن ان يكون ذلك بكبسة زر".
وتابع: "كلنا يدرك ان إمكانيات البلدية محدودة، لكن من الضروري ان نكون في حالة إستنفار دائم ولا أخفي عليكم أني تلقيت إتصالا من مسؤول خليجي يقول لي فيه: "ان طرابلس عزيزة علينا ومن خلال نزاهتكم وإنجازاتكم التي حققتموها نحن نتطلع إليكم ونقول لكم أننا نقوم بتحضير صندوق خاص لتنمية مدينة طرابلس".
وقال: "كلما أعطينا الدليل عن نزاهتنا وإصرارنا على التنمية كلما فتحت أمامنا فرص حقيقية للنجاح، وتصورنا أنه من خلال المخطط التوجيهي هناك أمور ملحة وطارئة، وكما تم تقسيم المدينة إلى مناطق هناك خمس مناطق شعبية هي التبانة والقبة وابي سمراء وباب الرمل والأسواق الداخلية، وطرابلس الحديثة هي ست مناطق ونعمل نحن والبلدية ومن خلال جزء من الصندوق الذي أشرت إليه بحالة طوارىء لإصلاح الحفريات وردم الحفر وما شابه، وخلال أشهر قليلة لن تكون هناك حفرة في طرابلس، وعلى المدى الطويل هناك مشاريع للمدينة من حيث التشجير والإضاءة وتنظيم الشوارع وفتح آفاق تمويل لهذه المشاريع، ونحن ندرك ما لدينا من تصورات وإرادة وكفاءات نضعها في خدمة المدينة. ندرك اننا استلمنا المدينة مع بداية ولاية المجلس البلدي وهي على ما هي عليه من أحوال وسنسلمها مع نهاية هذه الولاية على شكل آخر".
وختم ريفي: "نعم، الرئيس فؤاد شهاب هو باني لبنان الحديث كما أشار احد الأخوة ونحن في السياسة في انتظار فؤاد شهاب الجديد في رئاسة الجمهورية، وإن شاء الله يكون ذلك قريبا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك