لا يصل خلف البحر إلا الصوت الهادر... وخبريات ما خلف البحر تنام في صوت لبناني دخل كل قلب، وانسحب في عز العطاء...
هي صاحبة خدني معك الخالدة، التي لا تموت، والتي ما زالت تتجدد بعشرات الأصوات، وهي سيدة المسرح الذي يوم وقفت عليه، أسرت قلوب اللبنانيين، بعيدا من أصوات الحرب المندلعة.
سلوى القطريب ابنة بيت فني، تربت فيه على يد والدها عازف العود صليبا القطريب. ابنة طرابلس التي لطالما كانت عاصمة الثقافة والفنون، وجدت فرصتها الأولى عام أربعة وسبعين على مسرح روميو لحود في سنغف سنغف مع طوني حنا، فكانت البداية.
نجمة استعراض من الدرجة الأولى، ونجمة الرقي في الوقت نفسه، لقبت بسيدة المسرح الذي وقفت عليه مع أهم الأسماء في أهم الأعمال، مثل بنت الجبل مع أنطوان كرباج، والأميرة زمرد وياسمين مع ملحم بركات، وأوكسجين مع إيلي شويري وحكاية أمل مع غسان صليبا...
بصوت سلوى القطريب أكثر من مئة وخمسين أغنية من عمالقة زمن الكبار، أمثال زكي ناصيف وتوفيق الباشا، وإيلي شويري وملحم بركات والياس الرحباني.
وفي سجل سلوى القطريب أعمال لبنانية شعبية خالدة، ما زالت تتبادر إلى الأذهان رغم مرور عقود طويلة عليها. عرض على سلوى القطريب الانطلاق في مصر، إلى جانب محمد الموجي وفايزة أحمد ومحمد سلطان، لكنها رفضت للبقاء في لبنان، رغم الحرب المستعرة فيه.
كما عرض عليها المدير الفني للفنان الفرنسي سيرج لاما الغناء بالفرنسية والانطلاق للعالمية، لكنها أصرت على البقاء في لبنان.
لم تكن سلوى القطريب تدرك أن المرض سيتسلل إليها في أقل من أسبوع، ويسرقها من محبيها عن تسعة وخمسين عاما. رحلت عام ألفين وتسعة بعد إصابتها بجلطة دماغية، قبل أن تتمكن من حصد نجاح ما زرعته طوال سنوات، وقبل أن ترى أغنياتها أيقونة باهرة من زمن الفن اللبناني الجميل.
كانت سلوى القطريب تلقب أيضا بشفيعة الفنانين... فقد خصصت سنواتها الأخيرة للصلاة والترانيم الدينية، ورحلت بهدوء المؤمن الواثق أن من يرنم... صلى مرتين...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك