(Lebanon Files)
"تنظيم القاعدة" موجود على الاراضي اللبنانيّة أو غير موجود. نطق مجلس الشورى أم لم ينطق. الزيادة على الرواتب دخلت الى جيوب اللبنانيّين أم لم تدخل. صدرت المراسيم التطبيقيّة للتنقيب عن النفط والغاز أم لم تصدر. مع كهرباء أو من دونها. مع تعيينات أو من دون تعيينات. مع موازنة أو من دون موازنة... اللبنانيّون سيعيّدون ولا شي سيقف بوجههم. هي القاعدة. ولا استثناءات لها في العادة. قلّة فقط هي التي تفضّل تمضية آخر ساعات من العام على طاولة متواضعة في المنزل أمام شاشة التلفزة. سهرة ببلاش، لا ينغّصها سوى هاجس انقطاع الكهرباء وعطل طارئ على مولّد الكهرباء.
لا يفوّت اللبنانيّون فرصة توديع سنة واستقبال أخرى من دون أن يمارسوا طقوساً تعوّدوا عليها حتى لو كانت جيوبهم فارغة. الدين حلال عندما يتعلّق الامر بحدث كرأس السنة. تتفاوت مستويات السهرات بين باذخة جدّاً وخارجة عن المألوف الى "هيت ايدك والحقني" مروراً بالحفلات المتوسطة الميزانيّة. في الحالة الاولى يمكن القول إنّ ما يحدث على بعض طاولات المرابع الليليّة والمطاعم والفنادق الفخمة يوازي بجنونه وصخبه ما يحدث في أرقى وأغلى عواصم العالم. لا نتحدّث هنا عن بطاقة مدفوعة سلفاً تخوّل صاحبها تناول عشاء فاخر مع مشروب مفتوح وكوتيون. هنا لا يصلح أصلاً أن تحمل أوراقاً نقديّة في جيبك. بطاقات الاعتماد هي حاجة ماسة، طالما أنّ الفاتورة التي ستنزل فجر اليوم الاول من العام الجديد قد تكون خياليّة. ما يميّز أمكنة السهر هذه هي عدم اضطرار منظّيمها الى إجراء أيّ إعلان لجذب الساهرين. زبائن هذه الامكنة لا يحتاجون عادة الى دليل إرشاديّ لسهرة رأس السنة. يعرفون جيّداً اين يمكن قضاء سهرة فريدة من نوعها قد تكلّف الشخص الواحد الاف الدولارات. يكفي أن يجروا اتصالاً واحداً لحجز طاولة أو مقعد وأكثر والمتعة مضمونة مئة بالمئة. في السهرات المتوسّطة والمنخفضة الميزانيّة لا شئ مضمون. تبدأ بعدد الساهرين. صاحب المطعم يؤكد لك لدى إجرائك الحجز هاجسه لارضاء الزبون "الصالة تتّسع لـ 300 شخص، لكن لمزيد من الراحة لن نستقبل سوى 250". فتكون المفاجأة بأنّ الطاولة التي حجزتها تجاور الحمامات أو مطبخ المطعم والصالة تكاد تنفجر بعدد طالبي السهر آخر لحظة. يبدو الأمر مقبولاً إلا إذا انتهت سهرتك بغرفة الطوارئ في أحد المستشفيات لإصابتك بالتسمّم. ليس هذا النوع الوحيد من التسمّم. سيكون عليك هنا أن تدير أذنيك لسماع مطرب أو مطربة درجة عاشرة وما دون... وراقصة لا يغطّي فشلها الذريع في اضفاء لمسات عذبة على آخر دقائق العام وتقديم لوحات راقصة "تعبّي الراس والعين" سوى لبسها المفعم بالاثارة...
لكن كلّ هؤلاء يجمعهم قاسم مشترك واحد. سيعلقون جميعهم في عجقة سير جنونيّة. سيكفرون بالساعة التي اتخذوا فيها القرار بالخروج من المنزل... عندها فقط سيكتشفون أنّ عامهم الجديد بدأ بجولات من السباب والشتائم والندم على الساعة التي قرّروا فيها الخروج من المنزل. سيتأكدون أنّ بداية العام هي نسخة طبق الأصل عن بداية العام المنصرم. "بس حلو التفاؤل"!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك