بلدة عرسال غاضبة. هي حانقة على وزير الدفاع الذي تقول إن اتهاماته بتسلّل عناصر من تنظيم «القاعدة» عبرها إلى سوريا غير صحيحة
لم تهضم عرسال بعد كلام وزير الدفاع فايز غصن، بشأن تسلل عناصر من تنظيم القاعدة منها إلى سوريا. كلام وضعه «العراسلة» في خانة «الهضامة» السياسية لوزير دفاع يجزمون بأنه لا يعرف جغرافياً أين تقع بلدتهم، وربما ـ على حد قول أحد مخاتير البلدة ـ «كان (غصن) قد سمع باسم عرسال من وسائل الإعلام، أو من التصريح السياسي الذي نطق به من دون أن يناقشه حتى مع الجيش»، يقول المختار الغاضب. ويضيف: «حبذا لو زارنا وزير الدفاع قبل إطلاق تصريحه، لكنا وفرنا عليه الكثير من الانتقادات والغضب الشعبي».
تصريح وزير الدفاع الذي استتبع بجرح عرساليين اثنين برصاص سوري في منطقة مشاريع القاع، رفع من موجة الغضب الشعبي التي كانت تتراكم بصمت على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، إلى أن جاء التصريح وأصبحت القضية بنظرهم أكبر من مسألة «معلومة» أمنية غير واقعية. فمن وجهة نظرهم، «ثمة استهداف سياسي وتصفية حسابات معهم تصل إلى حد العقاب الجماعي». يقول مسؤولو تيار المستقبل في البلدة إن كلام غصن «وحّد عرسال التي تطالب بلجنة تحقيق لمعرفة أهداف الاتهام وخلفياته، ولا سيما أن التصريح جاء قبل يومين من استهداف مقرين للاستخبارات السورية، واتهام دمشق تنظيم القاعدة قبل أن يحدث البيان المنسوب إلى الإخوان المسلمين إرباكاً إعلامياً وسياسياً».
ويوضح منسق التيار في البقاع الشمالي بكر الحجيري، أن كلام غصن «انعكس إيجاباً على البلدة؛ إذ أسهم من حيث لا يدري في توحيد الصفوف بين مختلف مكونات البلدة السياسية والحزبية». يضيف: «عرسال ليست ممراً أو مستقراً لتنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات والحركات المتشددة أو المتطرفة»، مؤكداً أن «استخبارات الجيش تعرف حقيقة الأمر والواقع على الأرض». ويطالب الحجيري غصن «بتوضيح أقواله»، و«نحن نتهمه بالضلوع من حيث لا يدري في تنظيم الانفجارين اللذين وقعا في دمشق». ويتابع: «عرسال بلدة لبنانية، وعلى الجيش حمايتها، وإذا كان غصن يملك معلومات موثقة وأدلة على كلامه، فعليه أن يضعهما بتصرف الرأي العام».
بدوره، يرى المسؤول في الحزب الشيوعي اللبناني، عبد العزيز الفليطي، أن «كلام غصن غير مستند إلى الواقع العرسالي»، مبدياً تخوفه من «شيء مجهول يُعَدّ للبلدة التي تبحث عن الهدوء السياسي والسكينة ولا تريد مشاكل مع أحد». يتابع: «في عرسال تنوع سياسي كبير. وصراحةً، لم نلحظ وجوداً لما يسمى تنظيم القاعدة، وبالأساس تربة بلدتنا غير خصبة لتنظيمات كهذا». ويرى الفليطي في كلام غصن «تجنياً على البلدة»، موضحاً أن الجيش ينفذ دوريات شبه دائمة في البلدة وعلى أطرافها. و«لماذا لم يعمل على توقيف من تحدث عنهم وزير الدفاع؟».
ردود الفعل «السلبية» من مختلف الأطراف على كلام غصن في أكبر بلدات البقاع الشمالي سيحوّل البلدة إلى «محجة» سياسية وشعبية، حيث بدأت تستعد لاستقبال المتضامنين معها يوم الجمعة المقبل، وفق ما هو مقرر حتى الآن. ويوضح بعض من الأهالي أن وفوداً شعبية وسياسية وحزبية «ستزورنا متضامنة». ويقول أحد قادة تيار المستقبل المركزيين إن شخصيات من عرسال كانت قد راجعته قبل تصريح الوزير غصن للمساعدة في سحب اسم بلدتهم من التداول الإعلامي. يضيف: «تلقينا مطالب من الأهالي بوجوب مساعدتهم وإبعاد بلدتهم عن ارتدادات الأزمة السورية، لكن للأسف جاء تصريح غصن ليصبّ الزيت على النار». وهنا يوضح أحد مخاتير عرسال لـ«الأخبار»، قائلاً إنهم أجروا اتصالات سياسية مع الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، ومع غيره من القيادات السياسية في 8 و14 آذار لـ«المونة على وسائل الإعلام بهدف التخفيف عن البلدة التي أصبحت الخبر الأول»، لكن «كلام وزير الدفاع أفشل جهودنا، كأنه يريد زجنا في مشكل مع السوريين، لا حل المشكلة إذا كانت موجودة في الأساس».
حياد عرسال والنأي بنفسها عن الملف السوري، لم يعد لهما من معنى في البلدة بعد كلام غصن وسقوط قتيل و7 جرحى من أبنائها برصاص الجيش السوري منذ بدء الأزمة السورية. ويقول أحد المتابعين لـ«لملمة» الآثار السلبية لكلام غصن على عرسال إن البلدة «لا يمكنها تحمل التصريحات المتطرفة من 8 و14 آذار. لذا، أجرينا اتصالات سياسية لوضع الأمور في نصابها، مع حسم النقاش في هذا الملف مع بدء الجيش اللبناني بوضع نقاط مراقبة على حدود عرسال مع سوريا»، موضحاً أن «نقاط المراقبة العسكرية السورية الموجودة على الحدود وبعضها داخل الأراضي اللبنانية، وضعت بالتفاهم مع الجانب اللبناني الذي سيبدأ بتعزيز وجوده الأمني والعسكري في مناطق جرد عرسال ومشاريع القاع الزراعية».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك