الضاحية الجنوبية او البقعة الجغرافية التي تحولت الى جزيرة امنية بفعل الممارسات التي تحصل في داخلها من قبل قوى حزبية جعلت وجود السلطة الامنية للدولة شبه غائبة في مناطقها، الامر الذي ولّد نوعاً من الفلتان الامني وفتح الباب واسعاً امام عرض العضلات والمخالفات والسرقات والجرائم الاخرى .
القصة جديدة من نوعها، لاننا اعتدنا على خبر منع حزب الله للقوى الامنية من دخول المربعات الامنية التابعة له ، لكننا لم نعتد بعد على منع المواطنين وخصوصاً المواطنات المسيحيات، كالذي جرى مع احدى البائعات المتجولات منذ فترة وجيزة والتي تعمل في بيع ادوات التزيين التي تهم المرأة، تقول نجوى التي تسكن منطقة الروضة وتعمل في شركة في منطقة الدكوانة لـkataeb.org: "اعتدت على التنقل في مختلف الاراضي اللبنانية واحياناً اتجه صوب البقاع ومناطق المتن الاعلى، لكن منذ ايام طلب مني مدير الشركة التوجه الى منطقة الضاحية الجنوبية وذلك للانفتاح على المناطق الاخرى، والتي لطالما اعتبرناها مغلقة من الناحية الامنية خصوصاً ان احداً لا يجروء على الدخول اليها لانها بمثابة المربعات الامنية المحظورة على بعض اللبنانيين"، وتتابع :" ترددت للوهلة الاولى وقلت "لا ... كلو إلا الضاحية" نظراً لما نسمع عن تلك المناطق ، إلا ان المدير شجعني وقال لي:" ُافضّل ان ارسل فتاة الى هناك عوضاً عن شاب لانهم سيحققون معه في حال تجوّل في مناطقهم لانها مناطق مراقبة، اما انت فبالتأكيد لن يزعجك احد، عدت وترددّت لكن في نهاية الامر قلت في نفسي " ماذا سيفعلون لي ؟، فأنا ذاهبة لمتابعة عملي والحصول على زبائن جديدة ، وبالفعل توجهت الى تلك المناطق بعد ان إستفسرت عنها من بعض من يقصدها ، تنقلت في مناطق الضاحية في سيارتي، فشعرت للوهلة الاولى بأنني لست في الاراضي اللبنانية بل خارجها فهي لا تشبه مناطق لبنان، اذ تبدو وكأنها مناطق تابعة لبلد آخر، قصدت ابنية عديدة وعرضت البضاعة ولاحظت بأن النساء هناك تبتاع الكثير من ادوات التزيين ، زرت العديد من الشقق وطرقت الابواب وكسبت كثيراً، وما هي إلا دقائق حتى شعرت بأنني مطوّقة من مجموعة حزبية سلاحها مخفي نوعاً ما، وإذا بي في منطقة بئر العبد حيث تكثر منازل قياديّي الحزب ورأيت غرفاً امنية قرب مداخل الابنية ، حينها شعرت بأنني دخلت " المكان الغلط"، وعندها بدأت الاسئلة :"من انت؟، ومن اي منطقة اتيت؟، واين هويتك؟، ولماذا تتنقلين من مبنى سكني الى اخر؟، وما تحملين في هذه الحقيبة؟، والى ما هنالك من اسئلة ، واذا بتلك العناصر تصّر على طلب هويتي وعندما تأكدوا من الاسم سألوني لصالح من تعملين؟، وهل لي اي علاقة مع الاحزاب المسيحية كالكتائب والقوات اللبنانية؟، وحين قلت لهم "اتيت لاتبع رزقي وعملي وليس لي اي علاقة بكل ما تقولونه"، طلبوا مني التوجه معهم الى احدى المكاتب الامنية المجاورة وهنالك بدأت الاسئلة حتى ما يقارب الساعتين واخذوا مني هاتفي الخلوي ثم اعادوه لي مع انتهاء التحقيق اي بعد قرابة الساعتين، وهم بالتـاكيد إطلعّوا عليه واخذوا الاسماء المدوّنة، وكل ذلك لانني قصدت الشارع الذي يقطن فيه ذلك المسؤول "المقاوم"، وفي نهاية المطاف طلبوا مني عدم التوجه الى المنطقة لا من قريب ولا من بعيد وختموا تحقيقهم:" الافضل لك ان تبيعي في مناطقكم ولا تقصدي مناطقنا ولا نريد ان نراك هنا مرة اخرى وإلآ...!.
بغياب الدولة وسيطرة الدويلة أصبحت مناطق الضاحية المأوى الامني الممنوع علينا والمسموح فقط للفارين من وجه العدالة ، وباتت تشبه الى حد ما مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث يُمنع الدخول "لمن ليس له اي عمل مخالف للقانون ...!"،فلا وجود للقوى الامنية في هذه المناطق ، وفي حال حصول مخالفة ما ولجأ المواطن الى مخفر المنطقة فإن عناصر المخفر يعجزون عن تقديم الخدمة الا بالتنسيق مع أمن الحزب ، وهذا بحّد ذاته ُيخجل، فكيف تنصاع الدولة للدويلة التي اصبحت اقوى منها بكثير؟، وما يجري اليوم في الضاحية الجنوبية مصير محتوم نتيجة غياب الدولة عن المنطقة التي تحكمها قوانينها الخاصة وأمنها الذاتي .
الى ذلك وردت اخبار خاصة لموقعنا بأن حزب الله اصدر تعليمات الى كوادره بالتزام الحذر الشديد في تنقلاتهم واتصالاتهم وعدم مغادرة الضاحية الجنوبية إلا في الضرورة القصوى وبعد طلب الموافقة من قبل القيادات الامنية للحزب، وافيد ان اجراءات امنية اتخذها الحزب خصوصاً حول منازل بعض قيادييه .
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك