جاء في صحيفة "النهار": على هامش زيارته للمشاركة في العشاء السنوي للمنظمة الذي يتخلله تكريم الناشط المصري حسام بهجت، كان لـ "النهار" لقاء مع المحامي الأميركي التي يشغل منصبه في المنظمة العالمية منذ العام 1993، فيه بعض من اطلاعه التفصيلي على كل قضايا المنطقة التي تشعَل حوادثها العالم منذ أكثر من سنة.
أبعد من التقارير الدورية عن انتهاكات حقوق الانسان في مختلف دول العالم، تترقب المنظمة ومديرها التنفيذي ما سيؤول اليه الحراك السياسي المتشعب الأطراف في الدول العربية. يرى روث ان نقطة الانطلاق في تونس "ذهبت أبعد من غيرها في التأسيس لتغيير حقيقي عبر سلسلة إصلاحات ضمنت حق التعبير والتجمع، الى انتخابات المجلس التأسيسي التي سارت على ما يرام، وأعتقد ان هذا هو النموذج الأكثر ايجابية".
يجاري العالم العربي حالياً "ثورة حقوق الانسان التي سبقته اليها غالبية دول العالم"، ويعيش صراعاً بين "الايجابية والأخطار الكبرى التي تلوح في الأفق"، وأبرزها اثنان: "الحرس القديم" الذي لا يتردد في اللجوء الى العنف والقوة للتمسك بالسلطة، والثوار أنفسهم "لتتحول ثورتهم معركة على السلطة بدلاً من دفاع عن الحقوق، وتولّد خطر استبدال حكومة استبدادية بأخرى"، مما يطرح على الشعوب المنتفضة تحدي "المناورة بين الخطرين، وتجاوز عنف النظام السابق بما يضمن عدم استبداله بآخر".
يشهد بلدان على هذه المعضلة: مصر التي سقط فيها الرئيس المخلوع حسني مبارك "من دون ان يرحل نظامه"، وليبيا التي يواجه فيها المجلس الوطني الانتقالي "صعوبة السيطرة على الميليشيات ذات الطبيعة القبلية، ووضعها في إطار سلطة حكومية مركزية، وقتل (الزعيم السابق العقيد معمر) القذافي ونجله المعتصم كان خير دليل على ذهاب الثورة أبعد مما يجب". وفي حين يبقى التواصل قائماً مع السلطات الانتقالية الليبية لاحترام حقوق الانسان "بدءاً من الاعدامات غير المبررة واعتقال السجناء من دون محاكمة وسوء معاملتهم"، تبدو الأمور في مصر أشد تعقيداً، ففيها "مجلس عسكري يتردد في التخلي عن السلطة، ولا يريد ان تشرف على موازنته الكبيرة ومصالحه الاقتصادية الضخمة حكومة مدنية منتخبة، ولذلك ثمة قوى تقاوم الانتقال الديموقراطي للسلطة". سؤال إضافي يتردد عن "نوع الحكومة التي ستنتجها الانتخابات"، وهي نقطة يخوض فيها روث نقاشاً مستفيضاً عن المقاربة الديموقراطية والخطوات الواجب اتباعها، اذ ينطلق من انتقاد "الدعم غير المبدئي للديموقراطية" في المنطقة الذي طبقه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ليعتبر ان من الخطأ "منع الانتخابات لأن نتيجتها لن ترضي حكومات أخرى. اذا انتخب الناس الاسلاميين فعلينا احترام هذا الخيار، لكن من المهم ان يحترم الاسلاميون أيضاً حقوق الناس، ومن الخطأ ان يفرضوا قيوداً جديدة على الحرية الدينية. ثمة حكومات ذات توجه اسلامي لم تستغل الدين لانتهاك الحقوق، والتجربة التركية ليست جنة لحقوق الانسان لكنها مثال جيد على هذا الأمر. اذا وصل "الاخوان المسلمون" الى الحكم في مصر فمن المهم الاعتراف بأنه يمكن حكومة اسلامية التوجه ان تحترم الحقوق، ويجب ألا يعترض الآخرون على الانتخابات لمجرد انها أوصلت اسلاميين الى الحكم".
يرى روث في "الاخوان المسلمين" حزباً أكثر تنظيماً من القوى الليبرالية في مصر، انطلاقاً من مجموعة عوامل منها ان "الانظمة القمعية لا تتيح للناس التجمع سوى في المساجد". من هنا يلمس تغيراً في مقاربة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للديموقراطية "عبر اعتماد توجه أكثر مبدئية في العالم العربي، يقر في الدرجة الأولى بأن الاسلام يحظى بشعبية في المنطقة. الكثير من الأسباب تؤدي الى التصويت للاسلاميين، ولا يمكن إدعاء دعم الديموقراطية ما لم يحترم هذا الأمر".
الثورات الباقية
في الدول حيث التحركات الرافضة لنظام الحكم ما زالت مستمرة، تختلف المقاربات. في اليمن انتقاد شديد للمبادرة الخليجية التي سعت الى انهاء الاحتجاجات المستمرة ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح وتسليمه السلطة، فالاتفاق "مقلق لأنه وفر حصانة له، وأرسل إشارة الى نظامه بأن في امكانه قتل عدد غير محدد من المتظاهرين للتشبث بالسلطة: في حال استمر رئيساً الأكيد انه لن يحاكم نفسه، وفي حال فشل ضَمِنَ عدم محاكمة أركان النظام على ما ارتكبوه. في المحصلة كان الاتفاق ضوءاً أخضر للقتل في سبيل المحافظة على السلطة".
في البحرين "ثورة كغيرها من الدول العربية". لم تتردد المنظمة في التغطية، على رغم ان الكثير من الدول – وأولها الولايات المتحدة الأميركية – ترددت في دعم تحرك "يرعب السعوديين الخائفين من تغيير ديموقراطي على حدودهم. اعتمدت الولايات المتحدة مقاربة ناعمة للموضوع البحريني خوفاً على أسطولها الخامس ولعدم إغضاب السعوديين. على رغم ان البحرين مملكة صغيرة الا انها تصرفت في شكل قمعي عبر قتل المتظاهرين وإجراء محاكمات غير عادلة وطرد الطلاب من الجامعات... التقرير الأخير كشف الكثير، ويسجل للملك حمد بن عيسى انه سمح بلجنة مستقلة، وثمة صراع حالياً بين الملك وولي عهده من جهة، ورئيس وزرائه من جهة".
في سوريا أيضاً وضع اكثر تعقيداً، يسعى فيه النظام الى "منع خروج المعلومات". أتى الضغط الدولي برسالة فحواها "ألا مستقبل لحكومة تقتل شعبها بأعداد كبيرة. دور جامعة الدول العربية مفيد، ومساهمة تركيا مناسبة. العقوبات ذكية ومثلت جهداً موجهاً ضد أفراد في النظام أو قريبين منهم، ولا تعني حظراً تجارياً شاملاً يضر بالشعب. الغرب تعلم من تجربة العقوبات ضد العراق (بعد حرب الخليج الثانية). هذه عقوبات تركز على من يقومون بالقتل وداعميهم، لا المواطنين السوريين".
عن لبنان...
ركّز روث في لقاءاته مع عدد من المسؤولين اللبنانيين على مسائل عدة، منها المصادقة على البروتوكول الدولي الاختياري لاتفاق مناهضة التعذيب "الذي يتطلب تأليف لجنة يمكنها زيارة أي موقع احتجاز"، والاكتظاظ في السجون "القائم بالدرجة الأولى على سجن المتهمين في انتظار محاكمتهم، بدلاً من إطلاقهم بكفالة في حال لم يشكلوا خطراً على المجتمع". أما النقطة الأخيرة فكانت الدفع في اتجاه قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك