في ذكرى تحرير الجنوب في الخامس والعشرين من أيّار، قامت صحيفة "السفير" بزيارة لمواقع عسكريّة لحزب الله، ومنها نفق يقع في نقطة حدوديّة أماميّة حسّاسة جدّاً. صحيح أنّ تقنيّة الأنفاق سبق للعدو أن اكتشف مفاعيلها في حرب تموز، لكن الأسلوب تطوّر. نوع الاسمنت تغيّر. طريقة التهوئة تبدّلت وطرق توضيب السلاح والطعام تغيرت. الكهرباء مؤمنة 24 على 24 من خلال مولدات وضعت تحت الأرض أيضاً. أما الطعام، فلم يعد يعتمد على المعلبات. صار أخصائيّو تغذية يعدّون الطعام المعد للتخزين، بما يضمن للمقاتل أثناء الحروب الحصول على حاجته من المواد الغذائية والطاقة على مدى أسابيع. كل كيس يحتوي ثلاث علب كتب على كل منها ما تحتويه من طعام، إضافة إلى فوائدها الصحية، حيث يكون على المقاتل أن يأكلها بالتسلسل المحدد سلفاً، حتى يضمن حصوله على وجبة غذائية كاملة ومتوازنة. هذه الحصص ليست للاستهلاك سوى أثناء الحرب، أما في أيام التجهيز والتحضير، فللمقاومين أن يحصلوا على طعامهم بشكل روتيني.
هذا ما يفعله حزب الله في الأنفاق
جهوزية المقاومة توحي أن الحرب ستندلع اليوم أو غداً. الطعام جاهز والفرقة اللوجستية لديها إحصاء عن كل وحدات الطعام وتوزيعها على كل الدشم والمواقع، وقد درجت العادة على استبدالها قبل خمسة أشهر من انتهاء صلاحيتها. في النفق، لا يختلف الهواء عن الخارج. آلات سحب الرطوبة لحماية الحديد من الصدأ موجودة وآلات التهوئة موجودة أيضاً، كما مخارج الطوارئ يمينا ويسارا. المعنيون لم يفتهم تفصيل صغير.
وبعدما صارت الصواريخ تغلّف بنايلون مسحوب منه الهواء وتوضع في داخله مادة مضادة للرطوبة، لم ينس المعنيون أن يتركوا إلى جانبها الشفرات ليتمكن المقاتل من فتحها بسرعة في لحظة الحرب.
من يظن أن المقاتلين المرابضين يتحدون الملل باللهو أو الانتظار الطويل مخطئ.. اختصروا سنوات عدّة بشهور واختصروا عقودا بسنوات، وإذا كانت الحرب لم تأت بعد فهي قد تأتي يوماً، لذلك، فإن العمل في بناء تحصينات وأنفاق جديدة لا يهدأ على مدار الساعة، وبدل عشرات آلاف الصواريخ الجاهزة للإطلاق، لا ضير بوجود مئات الآلاف، علماً أن الحفر يتم بشكل يدوي وبمعدات بدائية منعاً للفت الأنظار. أما الردم الذي ينتج عن هذه العملية، فيصار الى تعبئته بأكياس ثم يحمل إلى أماكن بعيدة نسبياً حيث يصار إلى رشها في الحقول ومن ثم تغطيتها بأوراق الشجر حتى تتآخى مع الطبيعة، لأن بقاءها في الأكياس، قد يلفت نظر العدو.
من يزور الحدود الجنوبية ويلتقي المقاومين، يدرك أن بنية "حزب الله" الرئيسة في مواجهة الخطر الاسرائيلي لم تتبدّل. فمن يذهب في مهمة إلى سوريا، يعود فور انجازها إلى موقعه. لا شغور أو فراغ في أي موقع في هرمية الحزب حتى ولو لثوانٍ معدودة. لكل مقاتل بديله إن ذهب إلى سوريا أو في إجازة. المواقع القيادية الرئيسة لم تترك الجنوب أبداً. "السيد جهاد" وكل فريقه ثابتون في أماكنهم. هم مسؤولون عن جهوزية قطاعهم للتصدي لأيّ اعتداء محتمل، وكما القوة الصاروخية، يفترض أن تكون الكمائن جاهزة، التي يشكل كل منها منظومة متكاملة قد لا تقتصر على العبوات والأشراك، إنما تشمل سلاحاً ضد الدروع ودعماً نارياً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك