لم يفلح اعلان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود انه «أبلغ منذ ثلاثة أشهر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عدم رغبته في توزيره مجددا في هذا الموقع او في الحكومة الجديدة»، في تضييق مساحة الخلاف حول تشكيل الحكومة، بل على العكس، راح كل طرف يُلقي عبء التأخير والعرقلة على غيره، فضاعت المسؤوليات عن تسيب البلد على كل المستويات، وعادت الاتصالات حول الاتفاق على اسم شخصية لحقيبة الداخلية الى نقطة الصفر.
وقال الوزير بارود لـ«السفير»: «انا لا اناور في هذا الموقف، فانا امارس مسؤولياتي في الوزارة منذ سنة وتسعة اشهر، ولا اهرب من تحمل المسؤولية، لكني لا اقبل ان اكون سببا لمشكلة او ان يرمي غيري المشكلة عندي في تاخير التشكيل، واذا كان موقفي هذا يساهم في تعجيل التشكيل وتسهيل الحل يكون خيرا، لكني لست انا من يعرقل التشكيل، وانا لم ولن اسعى الى منصب اساسا كما اني لست في موقع المناورة».
اما اوساط الرئيس المكلف نجيب ميقاتي فاكدت ان المساعي الأخيرة لم تسهم في تدوير الزوايا، او التخفيف من حجم المطالب والشروط، مشيرة الى ان اسماء عدة طرحت كحل وسطي بينها اسماء عمداء في الجيش، لتسلم حقيبة الداخلية، لكن لم يتم القبول بها ولذلك، أرجا الرئيس ميقاتي تحديد الموقف الى حين تجدد الاتصالات بعد عطلة أول ايار(عيد العمال)، فيما اشارت اوساط من فريق الاكثرية الجديدة ان رفض بعض الاسماء جاء من رئيس الجمهورية، وان العماد ميشال عون وافق على اسم احد الضباط المقترحين كمخرج لمسألة حقيبة الداخلية بما يؤمن الانتقال السريع الى بحث مشكلات الحقائب الاخرى...
واكدت اوساط تكتل التغيير والاصلاح موافقة العماد عون على اسم الضابط المقترح، لكن الرفض حصل من قبل جهات اخرى، ما اوقف الاتصالات عند هذا الحد، على امل تجددها هذا الاسبوع، مشيرة الى «ان ما يتردد عن عروض بسحب حقيبتي الطاقة والاتصالات من التكتل امر لم يطرح عمليا وما يصلنا حول هذا الموضوع هو عبر الاعلام والتسريبات، وعندما يطرح هذا الموضوع يصبح لكل حادث حديث»!
لكن اوساط الرئيس سليمان نفت ورود اي صيغة واضحة من «الخليلين»(الحاج حسين الخليل والنائب علي حسن خليل) حول اسماء معينة للاختيار بينها، واكدت ان ما جرى تداوله هو سلسلة مقترحات، منها تسمية عميد في الخدمة او متقاعد لتولي حقيبة الداخلية، او ان يقترح رئيس الجمهورية اسماء ثلاثة عمداء ليختار فريق الاكثرية اسما منها، او العكس، اي ان يختار الرئيس اسما من بين ثلاثة اسماء ضباط تقترحها الاكثرية. الا ان الاوساط تشير الى عقبات اخرى تؤخر التشكيل لا عقبة حقيبة الداخلية فقط، منها الخلاف حول حقائب الاتصالات والصحة والطاقة... وكذلك الاعلام مؤخرا، فلماذا يتم القاء مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة على مسألة حقيبة الداخلية فقط ورمي الكرة عند رئيس الجمهورية؟
في ظل هذا السجال، اقترح احد الوزراء من قوى الاكثرية ان يتم تحديد معايير او مبادئ معينة لتشكيل الحكومة، بعيدا عن الصراع على النفوذ والدستور، وبالتالي تقترح اسماء عدة بناء لهذه المعايير، لأنه لم يعد يجوز استمرار صراع النفوذ على حساب مصالح الدولة والناس، وهو ما ادى الى انفلات في كل شيء تبدى اكثر ما يكون في تفاقم مشكلة مخالفات البناء.
واستبعد الوزير ذاته ان يكون هناك سبب خارجي يضغط باتجاه التأخير في تشكيل الحكومة، معتبرا ان العكس هو صحيح، إذ ان التطورات الجارية في المحيط العربي هي اكبر حافز للتسريع في التشكيل لتلافي انعكاساتها السياسية والاقتصادية والامنية، ومن يراهن على متغيرات عربية لمصلحة تبديل موازين القوى اللبنانية القائمة، يُسهم في إحداث مزيد من التوتير والانقسام بلا أي طائل، خاصة ان الموقف الرسمي السوري هو اكبر دافع للاسراع في تشكيل الحكومة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك