"الدني ما كانت سايعتو" لذلك اختارته السماء... نعم هكذا كان عصام بريدي، المفعم بالحيوية... لم تسعه هذه الدنيا فغادرنا إلى أخرى.
بالمفرقعات والطلقات النارية، بالزغاريد والأرز، بالزفة والأغاني، تماماً كما في الأعراس استقبلت فيطرون، إبنها. وحده صوتُه صدح في قريته عالياً...
وللمفارقة أبت فيطرون، حتى في عز الربيع، إلا أن تتشح بالبياض، استقبلت ولدها عصام بالثلج الأبيض تماماً كبياض قلبه.
إبن الخامسة والثلاثين ربيعاً، عريساً عاد لإلقاء النظرة الأخيرة على البلدة التي عشقها.
على الراحات حمل نعشه الأبيض، المزين بورود الحب الحمراء، موت الولد حنى ظهر والده، وهنا تبدلت المقاييس، فبدل أن يحمل الإبن نعش والده كما في سنة الحياة الطبيعية، انقلبت الآية، فحمل الوالد نعش ابنه وسار به في مشواره، ما قبل الأخير.
الوالدة المفجوعة، حملت صورة عصام، ضمتها إلى قلبها، كأنها تشتم رائحته، قبل أن يصل جثمانه لتتكئ عليه طويلاً رافضةً مفارقة فلذة كبدها.
الوالد المفجوع، خنقت صوتَه الحسرات، وأمام الكأس المر، خانته الدموع... ومن وسام، نصف عصام، وعدٌ على قدر الحزن الذي يملأ قلبه... ومن رفاق الدرب تحية...
وكان نعش عصام انطلق من مستشفى مار يوسف الدورة باتجاه فيطرون، لكنه أنزل في أكثر من محطة. المحطة الأولى كانت في جعيتا حيث أطلقت الزغاريد وحمل على الراحات على وقع الموسيقى، والمشهد نفسه تكرر في بلدات عجلتون، والقليعات وعشقوت، التي غرقت بدموع الأحبة.
"ليش" سأل الجميع، إنها مشيئة لله، اختار عصام صاحب الضحكة والقلب الكبير ليكون في جواره.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك