أقر المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بترايوس بأنه مذنب لتسريبه معلومات سرية للغاية لعشيقته السابقة، وجاءت هذه المعلومات في شكل ثمانية مفكرات سوداء تحوي كل شيء بدءاً من هويات ضباط سريين إلى نقاشات مع الرئيس أوباما.
سلط موقع “ديلي نيست” الإخباري الأميركي، في تقرير له أعده “جاستين ميلر” و”نانسي يوسف”، الضوء على فضيحة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق ديفيد باتريوس الذي لم يكشف أسراراً خطيرة لعشيقته فحسب، وإنما أطلعها على بعض المعلومات الأكثر حساسية لدى البنتاغون.
وكانت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي قد وجهت اتهامات لبترايوس في عام 2012 بتسريبه معلومات سرية إلى بولا برودويل، ولكن لم تتضح جدية المعلومات إلا مؤخراً.
ولفت الموقع إلى أنه عندما كان بترايوس قائداً لقوات التحالف في أفغانستان، “احتفظ بمجموعة من المفكرات بحجم 5×8 بوصة تضمنت جدول أعماله اليومي ومذكرات سريّة وغير سريّة حصل عليها خلال الاجتماعات الرسمية والمؤتمرات والإحاطات التي تُقدَّم للرئيس”، حسبما ذكر مكتب المدعي العام الأمريكي لغرب منطقة نورث كارولينا في مذكرته بشأن هذه القضية.
وكانت المفكرات ذات أغلفة سوداء تحمل بطاقة عمل بترايوس، على واجهة كل منها.
واشتملت المفكرات الثمانية على “معلومات سريّة بشأن هويات ضباط سرييّن واستراتيجية الحرب والقدرات والآليات الاستخباراتية والمناقشات الدبلوماسية واقتباسات من اجتماعات رفيعة المستوى لمجلس الأمن القومي … ومناقشات مع رئيس الولايات المتحدة”.
كما تضمنت المفكرات “معلومات تتعلق بالدفاع الوطني، بما في ذلك أفضل معلومات سرية للغاية وشفرات”، وفقاً لأوراق المحكمة، وبعبارة أخرى، لم تكن هذه الأسرار عادية، وإنما مواد سريّة للغاية، وقد أبقاها بترايوس في منزله، وفقاً لمحادثة مسجلة بين كاتب سيرة ذاتية وعشيقته بولا برودويل في 2011، وبرغم معرفته بمدى سريّة المعلومات التي في حوزته، تبادل بترايوس رسائل مع عشيقته ووافق على إعطائها الكتب السوداء ثم عاد واستردها.
وأوضح الموقع في مقاله أنه في 26 (تشرين الأول) 2012، جلس عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي مع بترايوس في مقر وكالة المخابرات المركزية بينما كان لا يزال في منصبه، أخبرهم بتريوس أنه لم يقدم أي معلومات سريّة إلى برودويل أو يسهل لها توفير معلومات.
و”كانت هذه الإفادات كاذبة، المتهم ديفيد هاول بترايوس كان يعرف أنه أعطى الكتب السوداء لكاتب سيرته”.
في 9 (تشرين الثاني) 2012، استقال بترايوس من وكالة الاستخبارات المركزية في أعقاب الكشف عن علاقته مع برودويل، وجاء ذلك بعد أن أخبرت جيل كيلي عملاء الـ “إف بي أي” بأن برودويل تتحرش بها عن طريق البريد الإلكتروني، وتعمل كيلي مسؤولة التواصل الاجتماعي لدى قاعدة ماكديل الجوية في مدينة تامبا، حيث توجد القيادة المركزية وقيادة العمليات الخاصة الأمريكية، وتتبع العملاء الفدراليون رسائل البريد الإلكتروني لبرودويل واكتشفوا أنها كانت تتواصل مع بترايوس.
وتابع الموقع أنه، عند مغادرته مقر المخابرات، وقّع بتريوس وثيقة سريةّ أقرّ فيها بما يلي: “أؤكد أنه لا يوجد أي مواد سرية في حوزتي أو حضانتي أو تحت يدي في الوقت الحالي”، وكان ذلك وقت أن كانت الكتب السوداء، الممتلئة بكل هذه المواد السريّة، في منزله.
وبعد ستة أشهر، في (نيسان) 2013، أعد العملاء الفدراليون مذكرة تفتيش لمقر إقامة بترايوس وتم مصادرة الكتب السوداء من “درج مكتب غير مقفل” في الطابق الأول، من منزله.
وبعد أكثر من عامين على سقوطه، لا تزال قضيته تصدم الكثيرين في وزارة الدفاع الأمريكية، ويتنهد البعض عند سماعه أن الجنرال الأكثر شهرة منذ أحداث 11 (أيلول) ثبت أنه مذنب الآن بالكذب على حكومته.
في ذروة مجده، كان بترايوس هو الوجه المعلن لحرب لا تحظى بشعبية في العراق، لقد كان بترايوس يتحدث بشكل مباشر مع الرئيس جورج دبليو بوش ووسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي، وتعتبر تكتيكاته وشخصيته العامة فريدة من نوعها بحيث لا يزال أساتذة وطلاب الأكاديميات العسكرية يناقشون طريقته في التعامل مع العنف في العراق.
ويبدو أن الأنباء المتتالية عن قائمة اتهامه أو كذبه على المحققين قد هزت مكانته في المجتمع العسكري، أو هكذا بدا الأمر، فحتى أولئك الذين يشعرون بالغضب لا يصرحون بذلك على الملأ، فلا يزال البعض يستشعر ذلك الخوف بأن مواجهة شخص مثل بترايوس قد يُنهي حياته المهنية.
لقد ثبتت إدانة بترايوس بأنه مذنب في تهمة واحدة هي الاحتفاظ بمواد سريّة، ويسمح عقد اتفاق بأن يتجنب بترايوس محاكمة علنية طويلة من شأنها أن تكشف عن تفاصيل علاقته مع عشيقته برودويل (في الوقت الذي لا يزال متزوجاً من هولي بتريوس)، وزيادة تلطيخ سمعة الجنرال الأشهر من أبناء جيله.
إن الجنحة المتهم بها بترايوس تحمل في طياتها حكماً بالسجن لمدة سنة واحدة، ولكن اقترح ممثلو الادعاء عامين تحت المراقبة وغرامة 40 ألف دولار، ينتظر بترايوس حكم القاضي، وليس من الواضح إذا كان سيتم تجريد بترايوس من رخصته الأمنية التي احتفظ بها بعد استقالته من وكالة المخابرات المركزية أم لا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك