لم يكن للحوار المستمر بين تيّار المستقبل وحزب الله أن يبدأ لولا ظرف إقليمي يحظى بموافقة ضمنيّة سعوديّة إيرانيّة.
من عنا، فإنّ هذا الحوار ميزته أنّه يعكس بمضمونه وتوقيته توازنات لبنان والإقليم.. وعلى الأرجح، فإنّ ما يجري في المنطقة من تطورات متسارعة، يساعد هذا الطرف أو ذاك، في تقديم تنازل من هنا أو من هناك، من دون الإخلال ببعض القواعد المتصلة بلعبة "الكبار" في المنطقة.
وضع المتحاورون في عين التينة مشهد المنطقة على طاولتهم: قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني" الجنرال قاسم سليماني يقود المعارك ضد "داعش" في مدينة تكريت. رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يقارع في الكونغرس الأميركي باراك أوباما لمنعه من التفاهم مع إيران. بين "تل ابيض" الشمالي و"تل الحارة" الجنوبي و"التلة الحمراء" الشرقية، تحتدم المعارك على أرض سوريا. فجأة يفرج تنظيم "القاعدة" في اليمن عن القنصل السعودي عبدالله الخالدي.
في خضم هذه المشاهد، ينتقل الحوار الأميركي ـ الإيراني من مدينة جنيف إلى مدينة مونترو السويسرية. ليس مفاجئاً أن يحضر المفاوضات وزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري وإيران محمد جواد ظريف. الجديد هو حضور وزير الطاقة الأميركي أرنست مونيز وتلميذه الإيراني (في سبعينيات القرن الماضي) رئيس وكالة الطاقة الإيرانية) ونائب الرئيس الإيراني) علي أكبر صالحي. أيضا يشارك في المفاوضات المستشار الخاص للرئيس الإيراني حسين فريدون (روحاني) وهو شقيق الرئيس الإيراني حسن روحاني.
هذه المشاركة إلى جانب مساعدي وزيري الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومجيد تخت روانجي والمساعدة الأميركية وندي شيرمان ومساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي هيلغا اشميت، تشكل عنصرا لافتا للانتباه في دينامية التفاوض على مسافة ثلاثة أسابيع من موعد الرابع والعشرين من آذار.
الاجتماعات التي تقرر تكثيفها، يدل وجود خبراء من ذوي القدرة على اتخاذ القرارات فيها، وخصوصا وزير الطاقة الأميركي والمفاوض الإيراني علي أكبر صالحي، على نية الطرفين اتخاذ قرارات بعيدة المدى، وفق إعلاميين إيرانيين يشاركون في تغطية المفاوضات. وثمة مواجهة علمية تدور بين "الأستاذ" و"تلميذه" حول حجم البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب هؤلاء، فإن النقطة الحاسمة هي قضية رفع العقوبات التي جعلها المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي، عنصر اختبار للأميركيين، في مقابل تقديم "تنازلات مؤلمة" في ملف التخصيب. حتى الآن، لا تشي معطيات جنيف، ومن ثم مونترو، بوجود فرصة نهائية للاتفاق ولا عدمه. ثمة معادلة جديدة يتحدث عنها المتابعون عنوانها: لا فشل ولا نجاح. معادلة تقود إلى تجاوز تاريخ الرابع والعشرين من آذار إلى نهاية حزيران المقبل. هذا الوقت يريد استثماره كثيرون، وخصوصا المتضررين من الاتفاق، وفي المقابل، يريد الإيرانيون تحسين مواقعهم التفاوضية، ولذلك، قرروا أن يخوضوا هم الحرب البرية على الأرض في العراق، بعدما أدت طائرات "التحالف" قسطها للعلى في الجو.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك