بدأت لقاءات واتصالات تجري بين القادة الروحيين المعنيين بالقمة المسيحية ـ الإسلامية المقرر انعقادها في 12 أيار المقبل، في إطار التحضير لما يمكن أن تبحثه القمة، وما يمكن أن تخرج به من توصيات، وهناك ورقة يتم إعدادها ولا يزال الحديث عنها يحيطه التكتم.
ويأتي انعقاد القمة في ظرف لبناني دقيق وفي ظروف محيطة بلبنان أكثر دقة.
من هنا، أهمية القمة في السعي الى لعب دور على المستوى الوطني من أجل تحصين الوضع اللبناني عبر الوفاق بين الطوائف من أجل المصلحة الوطنية العليا، ومحاولة ايجاد مرجعية لمسك زمام الأمور على الصعيد الوطني، ما يشكل عاملاً مساعداً على المستوى السياسي.
وأفادت أوساط واسعة الاطلاع على التحضيرات للقمة، أن هذه القمة ستكون روحية أي تضم القيادات الروحية، ولن يكون فيها قيادات سياسية، كما ستضم أعضاء اللجنة الوطنية للحوار المسيحي ـ الإسلامي، وسيصدر بيان عن القمة، والجهود تنصب حالياً على وضع مشروع البيان كنتيجة للمداولات التي تحصل قبل انعقادها بين القيادات الروحية، وللمداولات التي ستحصل أثناءها، وسيتناول البيان الموقف حيال قضايا وطنية وسياسية محلية.
ولا يزال من المبكر لأوانه الغوص في تفاصيل البيان الذي هو محور مشاورات بين القيادات الروحية. وتعقد اجتماعات إسلامية ـ إسلامية للتداول في أساس مشروع البيان، وكذلك اجتماعات مسيحية ـ مسيحية حول ذلك، على أن تتوّج، قبل القمة بلقاءات واتصالات مشتركة تفضي الى التوافق حول البيان.
ويُفترض أن تكون المرجعيات الدينية مطلعة مسبقاً على المشروع بسبب حساسية الوضع. وقد تم اختيار بكركي من جانب القيادات كمكان للقمة ليكون الأمر نوعاً من التكريم للبطريرك الماروني الجديد مار بشارة بطرس الراعي، وكهدية تُمنح له.
وتؤكد هذه الأوساط، أن أهمية انعقاد القمة تكمن في العناصر الآتية:
ـ إن اللقاء، في حد ذاته، يؤكد أن لدى لبنان صيغة خاصة ورسالة خاصة يحافظ عليهما، وهما يدلان على الغنى الروحي الموجود، وأنه قادر على أن يرتفع الى مستوى هذه الرسالة من خلال قياداته الروحية والخيارات التي ستتخذها هذه القيادات على المستوى الوطني.
ـ لأن الظروف التي يمرّ بها لبنان صعبة وحساسة، فإن القمة ستؤكد أن لبنان أكبر من الصعاب، وأنه بقياداته الروحية قادر على أن يؤدي دوراً مهماً على المستوى الوطني لتذليل هذه الصعوبات.
ـ القمة الروحية تعني، أن المرجعيات الروحية لديها دائماً وسائل للخروج من المأزق، وسط محدودية وسائل الدور السياسي الداخلي لوضع حد للصعاب، بفعل ظروف كثيرة منها النزاعات السياسية والتي أثرت فيها نزاعات إقليمية، ودولية ـ إقليمية.
ـ كما تعني القمة، أن المرجعيات الروحية هي خارج إطار الصراعات السياسية، وأنها تعمل وطنياً، وأنه تتوافر لديها الرؤية للعمل الوطني المشترك، وأن دورها على هذا الصعيد لا يمكن إغفاله أو تخطيه. وبالتالي، يمكنها بلورة تفاهمات مشتركة لا بد أن تطبع العمل السياسي بطابع خاص.
القمة طرحها مفتي الجمهورية اللبنانية الدكتور محمد رشيد قباني، عند زيارته البطريرك الراعي للتهنئة. والبطريرك قام باتصالاته حيال ذلك. والقمة ليست الأولى من نوعها، لكن يُفترض، استناداً الى أوساط سياسية بارزة، أن تخرج بتصورات تتجاوز العناوين العامة، من خلال ما يمكن أن تتفق حوله القيادات الروحية في الظرف الحالي، لأنها تنعقد في ظرف داخلي حساس، يكتنفه غياب حكومة، وخلاف حاد على موضوع سلاح "حزب الله" والمحكمة الخاصة بلبنان، إضافة الى عمل المؤسسات، وطبيعة التجربة اللبنانية. ويُفترض بالقمة أن تخرج بتصور يساعد على الوحدة الداخلية والرؤية الموحدة للقضايا الخلافية.ظظظ
كما تنعقد القمة في جو إقليمي متحرك وخصوصاً ما يجري في سوريا، انه فراغ سياسي على المستويين الداخلي والعربي ـ الإقليمي، فتأتي القمة سعياً الى إعادة تصويب مسار الوضع اللبناني وسط الزخم في نشاط البطريرك الراعي، في وقت لم يمضِ على توليته أكثر من شهر، ومع ذلك قام بالمبادرة.
وثمة علامات استفهام تُطرح، هي: هل يمكن أن تحصل اصطفافات داخل القمة على صورة الاصطفاف السياسي الموجود في لبنان؟ وهل يمكن أن يعبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، عن وجهة نظر "حزب الله" وحركة "أمل" حيال السلاح والمحكمة؟ وما هي قدرة البطريرك الراعي أو القيادات الروحية الأخرى، على التحاور في سبيل الخروج بتصور مشترك يساعد أو يمهّد لتصور سياسي مشترك، وسط خطورة الموقف وما يعتريه من جمود سياسي واقتصادي على أبواب الصيف وتعذّر تأليف الحكومة؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك