حاول متابع الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل أمس تحليل مضمون خطاب الرئيس بشار الأسد الأخير، فكتب:
"لا ينوي الرئيس السوري بشار الأسد تغيير بنية النظام السياسي في سوريا القائمة على تقدم حزب البعث الحاكم على غيره من الأحزاب. كما أنه لا ينوي العمل على تطوير الحياة العامة. بالأمس تحدث الأسد عن اصلاحات لتغيير قانون الانتخابات، والتركيبة الاقتصادية وحتى إلغاء قانون الطوارئ المطبق في سوريا منذ عام 1963، وبعض هذه الوعود الاصلاحية سبق للاسد أن تحدث عنها في الخطاب الذي وجهه الى الشعب عام 2005، كما أشار اليها في مقابلات صحافية.
لكن مثلما فعل في المرات السابقة، كذلك هذه المرة لم يحدد الأسد جدولاً زمنياً لتحقيق هذه الاصلاحات، وامتنع عن إدانة الفساد في الدولة ولم يعلن عن حملة لمحاربته كما فعل عندما تولى الرئاسة. عام 2000 تحدث الأسد عن البيروقراطية "غير المفيدة التي تعوق التقدم". وهذا ما فعله أمس أيضاً عندما اتهم البيروقراطية بما يحدث وكذلك أطرافاً خارجيين "يريدون التسبب بحرب أهلية". واذا بحث المتظاهرون عن شيء إيجابي في الخطاب فسوف يجدونه في كون الأسد لم يتهمهم بالخيانة، واعتبر أن قسماً منهم تظاهر بنية طيبة وليس بإيحاء من "الأطراف الخارجيين".
يستخدم الأسد اللهجة الأبوية التي سبق لوالده حافظ الأسد ان استخدمها. ففي رأيه على الناس أن تثق بأن قائدها يعمل من أجل مصلحتها، وعليها أن تؤمن بأن زعيمها سيقوم بالعمل الصحيح في التوقيت الصحيح.
لكن خطاب امس لم يكن موجهاً إلى الشعب السوري وحده. ففي الآونة الأخيرة مارست تركيا ضغطاً كبيراً وعلنياً على الأسد، وتحدث معه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مرتين خلال نهاية الأسبوع واقترح عليه تبني سلسلة اصلاحات. كما أراد الأسد إرضاء الإدارة الأميركية بشيء ما، على رغم تلميحه الى ان هذه الإدارة هي التي تقف وراء الأحداث. فقد أراد الحصول على ثمن من الأميركيين مقابل الاصلاحات مثل تعهدهم ألا يتدخلوا عسكرياً، وألا يطالبوه بالتنحي من منصبه كما فعلت إدارة أوباما مع مبارك والقذافي.
لكن السؤال الأهم بالنسبة الى الأسد هو: هل الشعب السوري مستعد لتصديق وعوده على رغم معرفة كثيرين أنها لن تتحقق؟ تدل المقابلات التي أجرتها قنوات التلفزيون العربية مع معلقين وسياسيين سوريين على عدم ثقة هؤلاء بما سمعوه.
إن المشكلة الكبرى المطروحة الآن هي ماذا سيحدث بعدما اتضح ان الأسد ليس مستعداً لأن يعطي أكثر مما قاله؟ والأخطر من ذلك أن خطاب الأسد لم يتضمن وعوداً فقط، وإنما انطوى أيضاً على تهديد مبطن. ويعتقد الأسد أنه قدم كل ما يريده الشعب، ومن الآن وصاعداً بات من حقه استخدام القوة، ومن المسموح له أن يقمع المتظاهرين بقوة أكبر".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك